اجتاح فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أكثر من 170 دولة، وقضى على أكثر من 7 آلاف شخص، فيما تستمر الجهود من أجل مكافحته، ويسابق العلماء في جميع أنحاء العالم الزمن لإيجاد لقاحات للفايروس الأكثر سرعة في الانتشار، فمن الصين إلى فرنسا ومن أستراليا إلى أمريكا، آلاف العلماء يعكفون على البحث عن لقاح للفيروس التاجي.
كل شيء بدأ في 12 يناير الماضي، عندما أفصحت الصين عن هُوية الفايروس ووضعت تسلسله الجيني على الإنترنت، وتسارعت المخابر الدولية عبر العديد من البلدان مثل فرنسا وأمريكا للعمل على إيجاد لقاح للفايروس، وبدأ العد التنازلي للمخابر العالمية الأكثر شهرة لإعلان نتائج بحثها عن لقاح في سباق مع الزمن، سعيا لفك شفرة الفايروس وفهم طريقة عمله وكيفية إعادة إنتاج نفسه وفي أي نسيج يستوطن، وأي الحيوانات المخبرية يمكن أن يطبق عليها التجارب لتسفر عن نتائج فورية وغير قابلة للمراقبة لأطول وقت.
136 فريق عمل أوروبيا، بمن فيهم فريق معهد باستور الفرنسي المتخصص، الذي يملك خبرة 130 سنة في صناعة اللقاحات، بدأ تجاربه الأولى لإيجاد علاج لـ«كوفيد-19»، إذ بدأت أولى التجارب التقليدية في المعهد بمراقبة الفيروس، ثم اختبار نماذج من اللقحات على الفئران وبعدها اختبارها على الإنسان، لكن هذه التقنية تستغرق وقتا أطول، ما لا يخدم الصحة العالمية، وهو ما يؤكده البروفيسور أوليفيه شوارتز مدير وحدة الفايروس والمناعة بمعهد باستور الفرنسي الذي أكد أن مدة اختراع اللقاح واختباره على الحيوان وبعده الإنسان، هي من سنة إلى سنتين.
معهد باستور الفرنسي يسابق الزمن بتقنيات مضمونة لكنها ليست في صالح الوضع الراهن، فاللقاح الفعال يستغرق من 12 إلى 24 شهرا لوضعه في الأسواق، الأمر الذي لا يمكن انتظاره خصوصا بعد أن انتشر الفايروس في أنحاء المعمورة.
إعلان المخابر الأمريكية المتقدمة في هذا المجال التوصل للقاح لكورونا واختباره على الإنسان مباشرة، أثار الكثير من التساؤلات لدى العلماء المختصين، خصوصا أن بروتوكول اللقاح يتضمن فترة زمنية تقاس بثلاثة أشهر لإيجاد شفرة اللقاح مهما كانت التكنولوجيات المعتمدة في صناعته، ثم اختباره على الحيوان لمدة ثلاثة أشهر وبعدها اختباره على الإنسان وانتظار مدى استجابة نظام المناعة في الجسم لهذا اللقاح. ولذلك اعتبر علماء فرنسيون أن مدة 18 شهرا هي أقصى مدة لوضع لقاح للفايروس.
إعلان مختبر مودارنا اختبار أول لقاح لـ«كورونا»، جاء بعد الاعتماد على تقنيات جديدة تسمح بتجاوز اختبار اللقاح على الفئران واستعماله مباشرة على المتطوعين من مرضى السلك الطبي، وقد أعلن يوم الاثنين الماضي أن أول الاختبارات تمت طيلة ستة أسابيع على 45 مريضاً، تراوح أعمارهم بين 18 و55 عاماً وهم في صحة جيدة ولم يتم تسجيل أي مضاعفات.
المخابر الأمريكية تعتبر الأولى في إنجاز لقاح فايروس كورونا في وقت قياسي، إذا استطاع المختبر الأمريكي مودارنا الذي يرأسه باحث في الفايروسات من جنسية فرنسية، السير على خطى مختبر إيبيفاكس بفارق زمني، إذ تمكن مختبر مودارنا من إجراء أول الاختبار السريري في سياتل للقاح mRNA-1273.
واستطاع المختبر تحقيق رقم قياسي في إيجاد لقاح لفايروس كورونا بسرعة وذلك باتباع تقنية تسمح بتجاوز إجراء الاختبارات على الحيوانات لتوفير الوقت، وإذا لم تظهر مضاعفات على الأشخاص الذين أجريت عليهم الاختبارات سيتم تلقيح آلاف الأشخاص بعد شهرين أو ثلاثة.
ولا يزال يتعين على المشاركين في هذه التجارب السريرية اجتياز مراحل مختلفة لتحديد ما إذا كان لقاح الفايروس التاجي فعالًا وآمنًا.
أما في ما يخص اللقاح التجاري، سيكون من الضروري الانتظار لمطلع عام 2021، وإذا صحت هذه الاختبارات، فسيكون هذا إنجازا غير مسبوق بالنسبة للمجتمع العلمي.