-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
كما الطفيليات تنشأ العشوائيات، وتتكاثر كالفطريات، وتنتشر في الشوارع الخلفية لعواصم عدة ومدن كبرى على مستوى العالم دون حرص على استخراج رخص بناء ولا دفع رسوم بنية تحتية ليتعزز المكون الاجتماعي العشوائي بمفهوم مخالفة النظام والتحايل على الحكومات بالاستيلاء على أراض وبنائها ليلاً لتكون ملاذاً للمطاردين ومأوى للمشردين ومنطلقاً لنشاط عصابات منظمة مكونة من شبان وفتيات، أكثر من عائلة تقطن في مبان تقليدية متهالكة وآيلة للسقوط تضم تحت سقوفها الوهمية البائسين واليائسين، والباعة الجائلين، ومحترفي الإجرام والمروجين ممن طالهم الفقر وحرموا من التعليم وتدهورت صحتهم وتسللت أخطر الأوبئة لأرواحهم وأجسادهم وعقولهم. ولعل الرهبة تمثل القاسم المشترك الأعظم بين عشوائيات العالم، إذ هناك تدهم سمعك مصطلحات الرعب وتصافح عينيك كتابات ونقوش تنقلك من حيز جغرافي إلى آخر يبعد عنك آلاف الأميال، ويمنح المخضرمون الشبان ألقاباً وأوصافاً تمنحهم جسارة ومحاكاة أدوار أبطال أفلام المنبوذين وتجار المخدرات واللحم الرخيص، فيما ترتفع نسبة العدوى بالجراثيم والفايروسات ما يشوه ملامح العشوائيات ويهدد قلب المدن بأخطر الأوبئة.

وعزا الباحث أسامة يوسف، زيادة معدل العدوى بفايروس كورونا المستجد إلى الأحياء العشوائية وإسكان العمالة، وعد العشوائيات بؤراً معقدة التركيب وتتفاقم فيها إشكالات أمنية وتنظيمية تزيد من خطورة التفشي، بحكم تزايد العمالة الوافدة، ما ينذر بأهمية معالجتها وإزالتها تفادياً لأي مشاكل مستقبلية لا سمح الله.


ووفق دراسة أجراها المعهد العربي لإنماء المدن، فإن نحو 60% من العشوائيات في المجتمع العربي مقامة على أطراف المدن، 30% منها خارج النطاق العمراني، و8% وسط العواصم، كما أن 70% من تلك العشوائيات شيدت بجهود فردية، و22% شيدت جماعياً.

فيما يؤكد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلوم العمران الدكتور غازي العباسي، أن العشوائيات تشوه المدن وتعطي مؤشراً على خلل في التركيبة السكانية كون سكانها وافدين ويعملون لتحصيل أكبر استفادة مادية ويقبلون بالحد الأدنى من المعيشة، بينما يعد تكاثرهم خطراً يحول البيئة إلى طاردة للسكان، إذ يتم استغلال المسكن بالتأجير ما تعجز معه الأمانات عن متابعتها علاوة على سوء حالتها الأمنية وكثرة المخالفات، ويرى أن ظاهرة العشوائيات تقلق إدارات المدن لما لها من مخاطر أمنية وصحية واجتماعية، إضافة للتشوه البصري.