لا يفتأ قناع الوجه (الكمّامة) يثير الجدل منذ اندلاع نازلة وباء كوفيد-19، حتى أن الناس حول العالم أضحت عقولهم مشوّشة: هل يرتدونه لأنه واقٍ من فايروس كورونا الجديد؟ أم يهجرونه نزولاً لنصح العلماء الذين يرون أنه لا يوفر قدراً يذكر من الحماية. حتى بين الدول التي تضررت أكثر من غيرها من الوباء الناجم عن تفشي فايروس كورونا الجديد، هناك دول أوروبية أضحى ملزماً لسكانها ارتداء القناع في الأماكن العمومية، ووسائل النقل. لكن دولاً أخرى، خصوصاً بريطانيا لا تزال غير متحمسة لفرض ارتداء الكمّامة. وإزاء ذلك التشويش لم تتوانَ جهاتٌ علميةٌ عن ابتداع مقاربات أخرى للمسألة، قد تجعل من قناع الوجه أداة حقيقية في المعركة بين الإنسان والوباء الحالي. ففي الولايات المتحدة، قال علماء جامعة كنتكي إنهم يعكفون على صنع كمامة طبية لديها القدرة على «اصطياد» فايروس كورونا الجديد، وقتله في الحال. وتقوم الفكرة على تزويد غشاء الكمامة أو طبقاتها بإنزيم يلتصق بالبروتين الدهني الذي يغلّف به الفايروس نفسه، تمهيداً للنفاذ إلى خلايا المصاب. وإذا تحققت الفكرة، فسيوفر هذا القناع الحماية لملايين الكوادر الصحية العاملة في الخطوط الأمامية لجبهة الحرب على كوفيد-19. ويواجه هؤلاء مخاطر جمّةً نتيجة تعاملهم المباشر مع المصابين بالفايروس، خصوصاً في أقسام الرعاية المكثفة. وحصل الفريق العلمي الذي يعكف على تحقيق الفكرة على تمويل حكومي أمريكي يصل إلى 150 ألف دولار. وقال أعضاؤه إنهم بحاجة إلى ستة أشهر لاختراع القناع الجديد، واختباره قبل السماح بتصنيعه. وأعلن قائد الفريق أستاذ الهندسة الكيميائية بالجامعة البروفسور ديبكار باتشارايا أن الفريق يملك الإمكانات لصنع غشاء لا يقتصر فحسب على «غربلة» الفايروس واستبعاده، كما هي الحال بالنسبة إلى كمامات N-95 الطبية؛ بل يستطيع أيضاً قتل الفايروس تماماً. وأضاف أن هذا الطموح ستكون له انعكاسات إيجابية على أي حرب وبائية قادمة بين الإنسان والفايروسات. وأوضح باتشارايا أن القناع المزمع يمكن أن يتضمن خاصية تغيير لونه حين يصطاد فايروس كورونا الجديد. وليس بعيداً عن بعض جوانب هذه الفكرة، أعلن علماء في جامعتي هارفارد ومعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا أنهم يعكفون على تطوير قناع يتوهج بضوء لامع إذا أصيب مرتدوه بفايروس كورونا الجديد. وأضافوا أنهم يعتمدون في تجاربهم على تطوير تكنولوجيا طورت أصلاً في عام 2016 لاكتشاف الفايروس الذي يسبب حمى زيكا. وذكر الباحثون أن من شأن تطوير هذا القناع أن يتيح لموظفي المطارات، ومحطات القطارات، وموظفي المكاتب والمستشفيات اكتشاف المصابين بفايروس كورونا الجديد بسرعة. وقال قائد الفريق العلمي الدكتور جيم كولينز إن تصنيع هذا القناع سيكون بديلاً من أخذ درجة الحرارة للكشف عن الإصابات. وأشار إلى أن أخذ درجة الحرارة المتبع حالياً في المطارات يكشف كل مرض يمكن أن يتسبب في الحمى، لكن القناع المأمول صنعه سيكشف فقط الإصابة بكوفيد-19. وفي سياق متصل، أعلن علماء جامعة ستانفورد الأمريكية أنهم يقومون بمحاولة إعادة صياغة كمامات N-95، التي يسفر استخدامها عن خفض مستوى الأكسجين الذي يستنشقه المستخدم بما يراوح بين 5% و20%، بحيث يتدنى ذلك لأقل مستوى ممكن. وفي جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا، قال العلماء إنهم طوروا مصفى لقناع وجه، يمكنه أن يزيل جزئيات الفايروس حتى لو كانت أصغر من 100 نانومتر، وهو تقريباً حجم الفايروس نفسه.