السلالة المتحوّرة من الفايروس.
السلالة المتحوّرة من الفايروس.
-A +A
ياسين أحمد (لندن)، «عكاظ» (واشنطن، بروكسل) OKAZ_online@
كشفت دراسة جديدة أمس أن سلالة فايروس كورونا التي تفشت في الولايات المتحدة وإيطاليا حدث فيها تحور جعلها أكثر قدرة على العدوى من السلالات الأخرى من الفايروس نفسه. وذكرت دراسة أجراها العلماء في مؤسسة سكريبس للأبحاث أن السلالة المحاورة لديها عدد أكبر بأربع أو خمس مرات من «الأشواك» التي تعطيها قدرة أكبر على الالتصاق بسطح خلايا الإنسان. ولم يعد ذلك الفايروس المتحوّر أكثر قدرة على التفشي فحسب، بل إن التحور جعله أكثر استقراراً ومقاومة. وكان العلماء قد حاروا في السبب وراء قدرة فايروس كورونا الجديد على محو دول بأكملها. وكانت الدراسات السابقة أشارت إلى أنه ربما اجتاحت إيطاليا وأوروبا سلالة أشد قدرة على التفشي، ومنها انطلقت إلى نيويورك. ويقول علماء مؤسسة سكريبس للأبحاث إن دراستهم أكدت صحة تلك الفرضية؛ وإنهم حددوا التحور الذي أحدث ذلك التغيير الكبير في الفايروس. و«الشوكة» أو «المسمار» هي المادة البروتينية على سطح الفايروس، وتسمى Spike، ومنها تصفيفة الشعر المعروفة التي غزت عالم الأطفال قبل سنتين أو ثلاث. وكان عدد تلك الأشواك محدوداً في السلالة الأولى من الفايروس. غير أن التحوّر الذي اعتراها زاد عدد الأشواك، ليجعل الفايروس أكثر ثباتاً، وقدرة على الالتصاق بالخلايا البشرية. وكانت نيويورك غدت في غضون فترة وجيزة بؤرة لهذه السلاة المتغيرة. ويتم تحديد السلالات من الفايروس نفسه عادة من خلال خريطته الوراثية. وقال العلماء إن الدراسة تحت المجهر أثبتت أن مورثةً (جِينة) بعينها تطورت، وأعطت الفايروس مزيداً من الأشواك، ليصبح مستقراً في التصاقه بسطح الخلية البشرية، حيث يبدأ هناك عملية استنساخ نفسه، ليلحق أكبر قدر من التدمير بجسم المصاب. وقال الدكتور هيريون تشو، وهو أحد أبرز مؤلفي الدراسة، إن التحور لم يقتصر على زيادة عدد الأشواك على جسم الفايروس، بل أضحى البروتين نفسه في تلك الأشواك مرناً مثل الجسور المعلّقة، لضمان بقاء الفايروس على سطح الخلية؛ ما يتيح له اختطاف الخلية تماماً. وذكر علماء مختبر لوس ألموس القومي الأمريكي إن هذه السلالة الشريرة من الفايروس هي السائدة في العالم حالياً. وأضافوا أن سلالة أقل اقتداراً خرجت من الصين وانتقلت إلى واشنطن وكاليفورنيا.

ومن ناحية أخرى، تجدد أخيراً الاهتمام بما إذا كانت بلازما الدم المأخوذة من متعافين من فايروس كورونا الجديد قادرة فعلياً على منع الإصابة بـ«كوفيد-19». وقد تمت معالجة عشرات الآلاف من المصابين حول العالم بما يعرف بـ«بلازما النقاهة»، منهم 20 ألفاً في الولايات المتحدة. لكن لم تبرز أدلة بعد على أنها مفيدة بالفعل. ففيما خرجت دراسة في الصين بنتائج غير واضحة؛ ذكرت دراسة في نيويورك أنها قد تكون مفيدة. وقال الدكتور شمويل شوهام من جامعة جونز هوبكنز: على الأقل لدينا بصيص أمل. وأضاف أنه جند 150 متطوعاً في أنحاء الولايات المتحدة لتجارب سريرية تشمل منح بعضهم بلازما النقاهة من متعافين، ومنح آخرين بلازما عادية أخذت قبل اندلاع جائحة كوفيد-19، وتم تجميدها في مختبرات المستشفيات. ولا توجد أدلة تاريخية على تأثير إيجابي مضمون للعلاج ببلازما النقاهة. لكن الأطباء ذكروا أنهم حاولوا تجربتها إبان جائحة الإنفلونزا الإسبانية، في عام 1918، وأنها أنجت كثيرين من الموت. وعندما تقوم جرثومة بمهاجمة الجسم، يقوم الجسم بإنتاج بروتين يسمى «الأجسام المضادة»، وظيفتها مهاجمة الجرثومة الغازية. وتسبح الأجسام المضادة في البلازما، وهي سائل يميل للإصفرار، يعتبر جزءا من الدم. ولذلك تكثر الدعوات في أوروبا وأمريكا للتبرع ببلازما النقاهة من المتعافين، لتكوين مخزون ضخم من هذا السائل، ليكون متاحاً في حال تأكيد الدراسات جدواه العلاجية.


وفي سياق متصل، أشارت دراسة أجراها علماء في جامعة سنغافورة إلى أن بعض أنواع نزلة البرد العادية يمكن أن توفر حمية للإنسان من فايروس كوفيد-19. وطبقاً للدراسة، فإن المناعة التي توفرها تلك النزلات العادية يمكن أن توفر مناعة ضد فايروس كورونا الجديد لمدة 17 عاماً. وتسمى الفايروسات المسببة لنزلات البرد «فايروسات بيتا كورونا». ووجد العلماء أنها تتقاسم عدداً كبيراً من الملامح الوراثية مع فايروسات كورونا الجديد، وسارس، وميرس. ويعتقد أن فايروسات كورونا تسبب ما قد يصل إلى نسبة 30% من نزلات البرد الشائعة. وقام العلماء برصد 24 مريضاً تعافوا من «كوفيد-19»، و23 ممن أصيبوا بفايروس سارس، و18 شخصاً لم يتعرضوا لـ«كوفيد-19»، وسارس. واكتشفوا أن نصف عدد المجموعة الأخيرة ممن كانوا تعافوا من نزلة برد عادية كانت لديهم مناعة قوية ضد فايروسي كورونا الجديد وسارس.