-A +A
«عكاظ» (الدمام) Okaz_online@
يبدو أن الصحافة القطرية، التي بدأت بواكير نشأتها في السبعينات الميلادية، تعيش أياماً صعبة، بعد عقود من التأرجح وضبابية الخطاب وصولاً إلى تسطيحها التام بعد انقلاب حمد بن خليفة آل ثاني على والده صيف 1995، إذ أعلنت وسائل إعلام مدعومة من تنظيم «الحمدين» أن صحيفة «العرب»، أقدم الصحف القطرية، أرسلت اخطاراً لجميع موظفيها بإنهاء خدماتهم، إعلاناً لتوقفها عن الصدور.

لم تنف «العرب» القطرية، في بيان نشرته أمس (الثلاثاء)، توقفها عن الصدور، بيد أنها استدركت بالقول إنها ستستمر كـ«صحيفة إلكترونية»، عازية إيقاف صدورها اليومي «إلى هيكلة تجري حالياً تتطلب إيقاف الصحيفة المطبوعة». وأشارت إلى أنها ستعاود الصدور فور إعادة الهيكلة المزعومة وترتيب التنظيم الداخلي لها.


وقالت صحيفة «القدس العربي» اللندنية، الممولة من تنظيم «الحمدين» إن الصحيفة القطرية استدعت موظفيها البالغ عددهم 100 موظف لاستلام خطابات إنهاء التعاقد، فيما عمدت إلى إعادة التعاقد مع بعضهم بسبب أزمة مالية خانقة تعصف بالصحيفة، التي سبق أن توقفت عام 1996 قبل أن تعاود الصدور عام 2007.

وعلى رغم بدايات الصحافة القطرية المتواضعة، إلا أن عددا من المراقبين -من بينهم صحافيون قطريون- يعزون تهميش الصحافة القطرية وهشاشة ظهورها إلى انقلاب حمد بن خليفة على والده، حيث عمد إلى تحجيم دورها في الداخل القطري، وتوسيع نفوذ حمد بن جاسم -وزير الخارجية آنذاك- على الإعلام، بعد ضم وكالة الأنباء الرسمية وإدارة النشر والإعلام إلى وزارة «ابن جاسم»، بعد إلغاء وزارة الإعلام.

وبينما حاول حمد بن خليفة تسويق إلغائه وزارة الإعلام وما اعتبرته ماكينته الدعائية «رفعاً للرقابة عن الصحف المحلية» بعد وصوله إلى القصر بعدة أشهر، مارس «الحمدين» تحجيماً للصحافة القطرية -المهترئة بالأصل- وقلل هامش الحرية -الضئيل أصلاً- وحدد «قناة الجزيرة» كبوصلة لخط الصحف القطرية التحريري، فما لا يطرح في «الجزيرة» سيكون محظوراً على الصحافة المحلية. كما أبقى على قانون المطبوعات «فزاعة الصحافيين في قطر»، ويجرّم القانون ممارسة الانتقادات الصحافية لأجهزة الدولة وموظفيها العامين، كما يؤكد النظام على تطبيق عقوبة الحبس بحق الصحافيين والغرامة المالية، وإغلاق المطبوعة ومصادرتها.

وفي محاولة لتسويق سياسي لتميم، أعلنت الدوحة موافقة مجلس الشورى على تعديلات في قانون تنظيم الصحافة والمطبوعات، بيد أن التعديلات المعلن عنها لا تعدو عن كونها «شكلية» جاءت على شكل «مساحيق تجميل» للنظام القطري، إذ تغنت الماكينة الدعائية لـ«الحمدين» بتأكيد التعديلات الجديدة على عدم سجن الصحافيين، بيد أنه لا يوجد أي ضمان لتطبيق القانون، الذي لا يلتفت المسؤولون القطريون إليه عادة في تنفيذ انتهاكاتهم.

وتفرض السلطات القطرية منذ منتصف التسعينات قيوداً أشد على حرية التعبير عن الرأي والركض الصحافي وتصفح الإنترنت.

ومع زيادة نفوذ السلطة على الصحافة القطرية منذ منتصف 1995، شكلت الصحافة القطرية نموذجاً مثيراً للسخرية، خصوصاً في ظل بث قناة الجزيرة من قطر، فالقناة التي تزعم أنها بلا سقف في طرحها الإعلامي، لا يستطيع زملاؤها من المؤسسات الصحافية التي لا تبعد عن مبناها كثيراً، ممارسة الانتقاد الداخلي أو التعاطي مع الأحداث القطرية بحرية، دون توجيه.

ووصل مستوى الطرح في الصحافة القطرية، التي تعيش على أجهزة «العناية المركزة»، إلى مستويات متدنية تجاه الدول العربية وكل من لا يسير في فلك «الحمدين»، في وقت لا يحضر الهم القطري الداخلي في صفحاتها، مع زيادة تركة «عدم الثقة» بها من المواطنين القطريين.

وتنتظر بقية الصحف القطرية مصير «العرب»، فلا مهنية تسندها في الأوقات العصيبة، ولا دعم رسمياً من تنظيم «الحمدين» يعينهم على أزماتهم المالية، فالدعم المالي الضخم يذهب إلى «آلة الجزيرة وأخواتها الإقليمية» المسنودة إلى مرتزقة غير قطريين، لكن لسوء حظ الإدارة القطرية أن مشاريعهم الإعلامية الفتنوية تنهار بعد أن عرّتها الشعوب العربية، ويبقى الهم القطري غائباً عن صحفهم اليومية وإعلامهم، ويحضر بحذر في مجالسهم الخاصة وبين أحاديث المتذمرين من مآلات سياسات «الحمدين» الكارثية على بلادهم.

أزمة صحيفة «العرب»:

- إخطار جميع موظفيها بإنهاء خدماتهم

- إعلان توقفها عن الصدور

- إعادة هيكلة مزعومة وترتيب التنظيم الداخلي

- استدعاء 100 موظف لاستلام خطابات إنهاء التعاقد