في المختبرات والمعامل وقاعات وحجرات البحوث العلمية أسرار لا يعرف معناها غير العاملين فيها، يعرفون دقائقها وتفاصيلها بعيدا عن الأضواء. بحوث تجرى في المختبرات عن الأمراض والفايروسات عبر تجارب تجرى على الفئران البيضاء.. لماذا البيضاء تحديدا؟ الخبراء يجيبون: لأنها الأكثر ملاءمة للتجارب العلمية، وهنا في مركز الملك فهد للبحوث الطبية بجامعة الملك عبدالعزيز، أكبر المراكز البحثية، تجرى التجارب العملية والعلمية في مجالات عدة.
وثمة أسئلة حول تلك الفئران ونوعها وتكلفتها.. من أين تستورد؟ وما هي أبرز التجارب التي تستخدم فيها؟ وعدد الفئران المستهلكة شهريا وسنويا ويوميا في المختبرات السعودية؟ وكيف يتم التخلص منها إذا تبينت إصابتها بمرض خطير أو عدوى قاتلة؟
قريبة الشبه مع البشر.. بيولوجيا
يقول السلاموني إن فئران الاختبارات غير مكلفة نسبياً، ويمكن شراؤها بكميات كبيرة من المنتجين التجاريين، فضلا عن سهولة تكاثرها وإنتاجها لتكون مخصصة للأبحاث. ولفت إلى أن غالبية الفئران البيضاء التي استخدمت في التجارب الطبية كانت متطابقة، واستُعملت كمثال في الفحوصات الطبية الوراثية، وأن خصائصها البيولوجية والسلوكية تشبه الخصائص الموجودة في الإنسان؛ لأنها ثديات تشارك البشر في العديد من العمليات، كما أن إجراء البحوث عليها يساعد في الإجابة عن كثير من الأسئلة.
وتستخدم الفئران أيضا في الاختبارات السلوكية والحسية، والشيخوخة والتغذية والدراسات الجينية، إضافة إلى اختبار الأدوية المضادة للرغبة القادرة على إنهاء إدمان المخدرات.
سريعة التكاثر قصيرة العمر
استشاري طب الأسرة والباطنية الدكتور أحمد عبدالمنعم السلاموني يقول إن فئران التجارب تتنوع بين فئران اختبار وفئران مختبرية يتم الاحتفاظ بها لأغراض البحث العلمي والطب، وتعد من أهم وسائل البحث قبل استعمال أي علاج أو دواء للإنسان. وذلك بسبب أن هناك بعض التشابه بينها والإنسان في تشريح الأعضاء، وتلعب الفئران دوراً بالغ الأهمية في تطوير العجائب الطبية الحديثة. وفي الحقيقة، إن الفئران تشكل 95% من كل الحيوانات المختبرية وفقاً لمؤسسة للبحوث الطبية الحيوية.
ويضيف السلاموني أنه يتم شراء فئران التجارب بكميات كبيرة، من بعض المتخصصين، وتكون معظم الفئران المستخدمة في التجارب متطابقة وراثيا بشكل كامل تقريبا، ما يجعل نتائج التجارب أكثر نجاحا، وفقا لمعهد بحوث الجينوم البشري الوطني.
وأوضح أن العلماء يعتمدون في بحوثهم على الفئران البيضاء لأسباب عدة، أولها كونها صغيرة الحجم، وسهولة حبسها، والعناية بها، ويمكنها التكيف جيداً مع البيئات الجديدة، إضافة إلى سرعة تكاثرها وقصر عمرها، إذ يراوح بين 2-3 سنوات، لذلك يمكن متابعة أجيال عدة من الفئران خلال فترة نسبية قصيرة من الزمن.
لماذا اللون الأبيض؟
في رأي عميد كلية الطب السابق أستاذ أمراض النساء والولادة والعقم البروفيسور الدكتور حسن صالح جمال، أن اختيار الفئران في تجارب كليات الطب والصيدلة يعود إلى أسباب عدة أهمها التشابه بين الفئران والإنسان في التكوين والأجهزة المختلفة في الجسم، ورخص الأسعار وصغر الحجم، وتوفر كميات كبيرة منها بسهولة من خلال مزارع خاصة، ووجود اللون الأبيض منها بكثرة، إضافة إلى سرعة تكاثره بسهولة.
وعن اختيار اللون الأبيض، يضيف: يتم اختيار هذا اللون لسهولة التعرف على الأعراض على الجسم الخارجي والتغيرات الجلدية والعيون بصورة أسهل. وفي العادة لا يتم استيرادها من الخارج، وفي المملكة معاهد ومراكز الأبحاث تتولى الترتيب محليا لتربيتها والاستفادة منها. وعن عدد الفئران المستهلكة، أوضح أنها تختلف من مركز إلى آخر حسب عدد وحجم الأبحاث ومجالات البحث.
يفضلونها.. لصغر حجمها ومزاجها الهادئ
لفتت البروفيسورة سهاد باحجري إلى أن فئران التجارب تتشابه مع أمراض الإنسان من 5 أوجه، أولها الفيزيولوجيا المرضية، وثانيها الخصائص المظهرية والتشريح المرضي، ثم المؤشرات الحيوية التنبؤية للعلاج أو التشخيص، تليها الاستجابة للعلاجات، وخامسها سلامة الدواء أو سُميّته، إضافة إلى أن فئران التجارب لديها معدل تناسلي مرتفع ويسهل التعامل معها بسبب صغر حجمها ومزاجها الهادئ، وهي ميزات مرحب بها لكل من العلماء وفنيي مختبر الحيوانات.
وأضافت البروفيسورة سهاد، التي ترأس منذ سنوات فريق المجموعة البحثية لدراسة السكري بقسم الكيمياء الحيوية السريرية بكلية الطب، بقولها: تدخل البحوث القائمة على الحيوانات مرحلة جديدة بسبب مجموعة متنوعة من الأساليب المتطورة لاختيار الفئران بخلفيات وراثية محددة ومتغيرة أو لمعالجة جينوم الفئران، وأصبح من الممكن الآن حذف أو تعطيل جينات معينة، أو إدراج جينات جديدة، أو إدخال طفرات معينة، باستخدام مجموعة من التقنيات حتى يتسنى إجراء الأبحاث التي تهدف للبحث عن مرض معين أو طفرة جينية محددة.
وأضافت: يوجد في المركز البحثي الواحد عدد ثابت لحيوانات التجارب يراوح من 400-500 للنوع الواحد، ويمكن زيادتها عن طريق عملية التوالد في المركز البحثي حسب حاجة الباحثين.
وكشفت البروفيسورة سهاد أنه يتم التخلص من فئران التجارب بعد الانتهاء من البحث بطرق عدة، وغالبا ما يستخدم الباحثون تقنية التخدير لغرض التشريح لاستخراج الأعضاء أو الأنسجة المراد دراستها.
30 مليون فأر في 75 دولة
رئيس المجموعة البحثية لدراسة السكري بقسم الكيمياء الحيوية السريرية بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز البروفيسورة سهاد باحجري، تشرح لـ«عكاظ» أسرار الفئران البيضاء، وتقول: تعد فئران التجارب وسيلة مهمة للاكتشاف العلمي، ولا غنى عنها في البحوث الطبية الحيوية التي تسهم في فهمنا لوظائف الجينات، ومسببات وآليات الأمراض المختلفة، وفعالية وسُميّة الأدوية والمواد الكيميائية، ويتم فحص تسلسل الجينات لفئران التجارب لوجود مستوى عالٍ من التطابق الجيني بينها وبين البشر.
وتتميز هذه السلالات بلونها الأبيض لأنها تحمل الطفرة الجينية Albino، ويتم توفير غالبية هذه الحيوانات من 4 مزودين رئيسيين: مختبر جاكسون، مختبرات تشارلز ريفر، مزارع تاكونيك ومختبرات هارلان. وتتوفر أكثر من 11 ألف سلالة من الفئران في مختبر جاكسون، ووُزع 30 مليون فأر على أكثر من 1900 مؤسسة في 75 دولة، منها السعودية.
وتُستخدم تلك النماذج الحيوانية في البحث في علم المناعة، والأورام، وعلم وظائف الأعضاء، وعلم الأمراض، وبشكل متزايد في علم الأعصاب.
وثمة أسئلة حول تلك الفئران ونوعها وتكلفتها.. من أين تستورد؟ وما هي أبرز التجارب التي تستخدم فيها؟ وعدد الفئران المستهلكة شهريا وسنويا ويوميا في المختبرات السعودية؟ وكيف يتم التخلص منها إذا تبينت إصابتها بمرض خطير أو عدوى قاتلة؟
قريبة الشبه مع البشر.. بيولوجيا
يقول السلاموني إن فئران الاختبارات غير مكلفة نسبياً، ويمكن شراؤها بكميات كبيرة من المنتجين التجاريين، فضلا عن سهولة تكاثرها وإنتاجها لتكون مخصصة للأبحاث. ولفت إلى أن غالبية الفئران البيضاء التي استخدمت في التجارب الطبية كانت متطابقة، واستُعملت كمثال في الفحوصات الطبية الوراثية، وأن خصائصها البيولوجية والسلوكية تشبه الخصائص الموجودة في الإنسان؛ لأنها ثديات تشارك البشر في العديد من العمليات، كما أن إجراء البحوث عليها يساعد في الإجابة عن كثير من الأسئلة.
وتستخدم الفئران أيضا في الاختبارات السلوكية والحسية، والشيخوخة والتغذية والدراسات الجينية، إضافة إلى اختبار الأدوية المضادة للرغبة القادرة على إنهاء إدمان المخدرات.
سريعة التكاثر قصيرة العمر
استشاري طب الأسرة والباطنية الدكتور أحمد عبدالمنعم السلاموني يقول إن فئران التجارب تتنوع بين فئران اختبار وفئران مختبرية يتم الاحتفاظ بها لأغراض البحث العلمي والطب، وتعد من أهم وسائل البحث قبل استعمال أي علاج أو دواء للإنسان. وذلك بسبب أن هناك بعض التشابه بينها والإنسان في تشريح الأعضاء، وتلعب الفئران دوراً بالغ الأهمية في تطوير العجائب الطبية الحديثة. وفي الحقيقة، إن الفئران تشكل 95% من كل الحيوانات المختبرية وفقاً لمؤسسة للبحوث الطبية الحيوية.
ويضيف السلاموني أنه يتم شراء فئران التجارب بكميات كبيرة، من بعض المتخصصين، وتكون معظم الفئران المستخدمة في التجارب متطابقة وراثيا بشكل كامل تقريبا، ما يجعل نتائج التجارب أكثر نجاحا، وفقا لمعهد بحوث الجينوم البشري الوطني.
وأوضح أن العلماء يعتمدون في بحوثهم على الفئران البيضاء لأسباب عدة، أولها كونها صغيرة الحجم، وسهولة حبسها، والعناية بها، ويمكنها التكيف جيداً مع البيئات الجديدة، إضافة إلى سرعة تكاثرها وقصر عمرها، إذ يراوح بين 2-3 سنوات، لذلك يمكن متابعة أجيال عدة من الفئران خلال فترة نسبية قصيرة من الزمن.
لماذا اللون الأبيض؟
في رأي عميد كلية الطب السابق أستاذ أمراض النساء والولادة والعقم البروفيسور الدكتور حسن صالح جمال، أن اختيار الفئران في تجارب كليات الطب والصيدلة يعود إلى أسباب عدة أهمها التشابه بين الفئران والإنسان في التكوين والأجهزة المختلفة في الجسم، ورخص الأسعار وصغر الحجم، وتوفر كميات كبيرة منها بسهولة من خلال مزارع خاصة، ووجود اللون الأبيض منها بكثرة، إضافة إلى سرعة تكاثره بسهولة.
وعن اختيار اللون الأبيض، يضيف: يتم اختيار هذا اللون لسهولة التعرف على الأعراض على الجسم الخارجي والتغيرات الجلدية والعيون بصورة أسهل. وفي العادة لا يتم استيرادها من الخارج، وفي المملكة معاهد ومراكز الأبحاث تتولى الترتيب محليا لتربيتها والاستفادة منها. وعن عدد الفئران المستهلكة، أوضح أنها تختلف من مركز إلى آخر حسب عدد وحجم الأبحاث ومجالات البحث.
يفضلونها.. لصغر حجمها ومزاجها الهادئ
لفتت البروفيسورة سهاد باحجري إلى أن فئران التجارب تتشابه مع أمراض الإنسان من 5 أوجه، أولها الفيزيولوجيا المرضية، وثانيها الخصائص المظهرية والتشريح المرضي، ثم المؤشرات الحيوية التنبؤية للعلاج أو التشخيص، تليها الاستجابة للعلاجات، وخامسها سلامة الدواء أو سُميّته، إضافة إلى أن فئران التجارب لديها معدل تناسلي مرتفع ويسهل التعامل معها بسبب صغر حجمها ومزاجها الهادئ، وهي ميزات مرحب بها لكل من العلماء وفنيي مختبر الحيوانات.
وأضافت البروفيسورة سهاد، التي ترأس منذ سنوات فريق المجموعة البحثية لدراسة السكري بقسم الكيمياء الحيوية السريرية بكلية الطب، بقولها: تدخل البحوث القائمة على الحيوانات مرحلة جديدة بسبب مجموعة متنوعة من الأساليب المتطورة لاختيار الفئران بخلفيات وراثية محددة ومتغيرة أو لمعالجة جينوم الفئران، وأصبح من الممكن الآن حذف أو تعطيل جينات معينة، أو إدراج جينات جديدة، أو إدخال طفرات معينة، باستخدام مجموعة من التقنيات حتى يتسنى إجراء الأبحاث التي تهدف للبحث عن مرض معين أو طفرة جينية محددة.
وأضافت: يوجد في المركز البحثي الواحد عدد ثابت لحيوانات التجارب يراوح من 400-500 للنوع الواحد، ويمكن زيادتها عن طريق عملية التوالد في المركز البحثي حسب حاجة الباحثين.
وكشفت البروفيسورة سهاد أنه يتم التخلص من فئران التجارب بعد الانتهاء من البحث بطرق عدة، وغالبا ما يستخدم الباحثون تقنية التخدير لغرض التشريح لاستخراج الأعضاء أو الأنسجة المراد دراستها.
30 مليون فأر في 75 دولة
رئيس المجموعة البحثية لدراسة السكري بقسم الكيمياء الحيوية السريرية بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز البروفيسورة سهاد باحجري، تشرح لـ«عكاظ» أسرار الفئران البيضاء، وتقول: تعد فئران التجارب وسيلة مهمة للاكتشاف العلمي، ولا غنى عنها في البحوث الطبية الحيوية التي تسهم في فهمنا لوظائف الجينات، ومسببات وآليات الأمراض المختلفة، وفعالية وسُميّة الأدوية والمواد الكيميائية، ويتم فحص تسلسل الجينات لفئران التجارب لوجود مستوى عالٍ من التطابق الجيني بينها وبين البشر.
وتتميز هذه السلالات بلونها الأبيض لأنها تحمل الطفرة الجينية Albino، ويتم توفير غالبية هذه الحيوانات من 4 مزودين رئيسيين: مختبر جاكسون، مختبرات تشارلز ريفر، مزارع تاكونيك ومختبرات هارلان. وتتوفر أكثر من 11 ألف سلالة من الفئران في مختبر جاكسون، ووُزع 30 مليون فأر على أكثر من 1900 مؤسسة في 75 دولة، منها السعودية.
وتُستخدم تلك النماذج الحيوانية في البحث في علم المناعة، والأورام، وعلم وظائف الأعضاء، وعلم الأمراض، وبشكل متزايد في علم الأعصاب.