من حرمان لَبَن أمه بوفاتها عقب ولادته بأيام، وارتواء من «بئر ماء» في «بيت شَعَر» بقريته الصحراوية؛ بدأت ملامح فسيفساء حياته منذ القِماط حتى الكِبر.. بدويٌّ توغل في البداوة وتفرُّدِها متفرجاً، ومدنيٌّ نشأ في المدينة ومفرداتها معايشاً.. وبلا تكّلف أو تصنّع تماهى مع القروية الطامحة والمدنيّة الطامعة، وكلاسيكية السلف وحداثة الخلف.. إنه الأكاديمي والناقد الدكتور عبدالمحسن القحطاني.
في صباه عمل بائعاً متجولاً لبقالة حيّه اعتماداً على ذاته.. وفي شبابه ناسخاً للآلة الكاتبة ومنتظماً بالمعهد العلمي.. وفي زواجه المبكر وجد بجانبه نفساً أنثوياً شدَّت أزره أكمل معها تعليمه وزاول عمله.
وبين منزلتين؛ استقرت مسيرته من مجتمع منغلق عاش الكفاف إلى منفتح متطلع للمعرفة.. وبين عاطفة وأمل؛ وجد في أبيه صورة أمٍّ بحنانها وجسد والدٍ بحُنوِّه.. وفي يافعية عُمُره جاءت وفاة أبيه أولى فواجعه الموجعة.. أخذ الثقافة من مجلات وصحف محببة لذائقته، واستجلب من زيارة مسقط رأسه أطلال قرية وذكرى طفولة سمعها من أبيه، ولقبر أمه عائداً.
حين اعتنى بالشعر صغيراً؛ لسماعة حركة مكائن المزارعين الممسوقة وأصوات الخيل وعزف جريد النخل، ومن قبل تعلُّمه مخارج الحروف والمسافات النطقية بجثو ركبتيه عند «المطوع».. وبنظرة فاحصة لموسيقى الشِعر العربي بإيقاعه النشط؛ كان مُؤَلَفه «بين معيارية العَروض وإيقاعية الشعر».
ولما شهد معارك التهميش لا التعميق في معركة «الحداثة»؛ كتب بحثه العلمي «المصطلح الاستعلائي والسجال النقدي».. وعندما خرج من قوقعة الجامعة أكاديمياً وعميداً صوب نادي جدة الأدبي عضواً ثم رئيساً؛ رسَّخ مفهوم الإنتاج دون تثاؤب أو بيروقراطية.. وآمن أن المنظومة الحقيقية لا تكتمل إلا بفضاءات المثقفين وحواراتهم.
عند حيوية الوجودية تحدثاً وتأليفاً؛ مارس أسلوباً نقدياً فكرياً خاصاً بطريقة مغايرة، تلمَّس فيه القارئ جوانب الجمال؛ لغة وأدباً.. ولما رأى أن اللغة العربية الجديدة تعتمد على إنتاج المعرفة لا إثارة العاطفة فقط؛ وقف عند حدود المفارقة للغة المألوفة لتفكيكها وإعادة تركيبها، وأزاح المسافة الشاسعة بين نصوص إبداعية تكتب ودراسات نقدية تسطّر.
في صباه عمل بائعاً متجولاً لبقالة حيّه اعتماداً على ذاته.. وفي شبابه ناسخاً للآلة الكاتبة ومنتظماً بالمعهد العلمي.. وفي زواجه المبكر وجد بجانبه نفساً أنثوياً شدَّت أزره أكمل معها تعليمه وزاول عمله.
وبين منزلتين؛ استقرت مسيرته من مجتمع منغلق عاش الكفاف إلى منفتح متطلع للمعرفة.. وبين عاطفة وأمل؛ وجد في أبيه صورة أمٍّ بحنانها وجسد والدٍ بحُنوِّه.. وفي يافعية عُمُره جاءت وفاة أبيه أولى فواجعه الموجعة.. أخذ الثقافة من مجلات وصحف محببة لذائقته، واستجلب من زيارة مسقط رأسه أطلال قرية وذكرى طفولة سمعها من أبيه، ولقبر أمه عائداً.
حين اعتنى بالشعر صغيراً؛ لسماعة حركة مكائن المزارعين الممسوقة وأصوات الخيل وعزف جريد النخل، ومن قبل تعلُّمه مخارج الحروف والمسافات النطقية بجثو ركبتيه عند «المطوع».. وبنظرة فاحصة لموسيقى الشِعر العربي بإيقاعه النشط؛ كان مُؤَلَفه «بين معيارية العَروض وإيقاعية الشعر».
ولما شهد معارك التهميش لا التعميق في معركة «الحداثة»؛ كتب بحثه العلمي «المصطلح الاستعلائي والسجال النقدي».. وعندما خرج من قوقعة الجامعة أكاديمياً وعميداً صوب نادي جدة الأدبي عضواً ثم رئيساً؛ رسَّخ مفهوم الإنتاج دون تثاؤب أو بيروقراطية.. وآمن أن المنظومة الحقيقية لا تكتمل إلا بفضاءات المثقفين وحواراتهم.
عند حيوية الوجودية تحدثاً وتأليفاً؛ مارس أسلوباً نقدياً فكرياً خاصاً بطريقة مغايرة، تلمَّس فيه القارئ جوانب الجمال؛ لغة وأدباً.. ولما رأى أن اللغة العربية الجديدة تعتمد على إنتاج المعرفة لا إثارة العاطفة فقط؛ وقف عند حدود المفارقة للغة المألوفة لتفكيكها وإعادة تركيبها، وأزاح المسافة الشاسعة بين نصوص إبداعية تكتب ودراسات نقدية تسطّر.