في بلدة «الرهمية» بضواحي «الكامل» شمال «أم القرى»؛ أطلَّ طفلٌ بغرفة حَجَرية سُقِفَت بجذوع النخل.. وبين «الابتدائية» و«المتوسطة»؛ تألم لوفاة جدَّته ووالدته المكلفتين من والده لمرافقته طفلاً دارساً بقرية أخرى.. «الجَدَّة» توفيت بعد ثلاثة أشهر، «والأم» أعقبتها بسنوات قلائل.. وحين احتضنه زوج عمته ازدادت أحزانه برحيله.. وفي معهد مكة العلمي حوَّل الشظف والجَلَد صناعةً لذاته.. ومع اللغة وفقهها؛ طالباً متَّقِداً وأستاذاً جامعياً.. إنه الدكتور عبدالله عويقل السلمي.
منذ أن ارتشف اليُتم بفقد أمه في سن العاشرة؛ لم ينس تجعّد يديها بعجينة الصباح وهي تخبِز الإفطار.. ومع ذكرى قهوة جَدَّته وأغنية مذياع جَدِّه؛ يكرر البيت الشعري:
جئنا من البدو الذين تناسلوا *** فِتَنَ الحياة وحزنها المتواري. وفي طفولته المليئة بالمَتْربة والإملاق؛ استعاض عن الفقد والضراء، عزيمة الطامح للمعارف وعزم القابض على العلم.. ولأنه رجلٌ قادمٌ من قرية عوى ذئبها وغاب حبيبها؛ عشق البراري والمزارع، والسماء والمطر، والصحراء والجبل.. ولما رأى أن القرية امتلأت بأصباغ المدينة وذهب جمالها وهدوؤها؛ ردد «هاتوا الدموع فعنكم سوف نبكيها». بحروف صمت يعزفها الصباح على أوتار الشروق؛ استل من أهداب الليل قلماً يدوِّن جمال بوح الكلمات.. ولما لم يكن طامحاً ولا طامعاً لسلطة؛ سبقه حلمه بمسافات لم يلحق بها واقعه.. وعندما احتمى بالأمل ليكون حيث يأمل؛ استهواه الحوار العلمي، وأطربه الشعر العمودي.. وحين قرأ واقعاً لم يستجب لرغبات جلسائه؛ تأثر بمقولة «لو كان للمعاناة صوت لامتلأ العالم ضجيجاً».. طاقة إيجابية متدفقة لرجل بألف. بين النحو وصرفه، والشعر وقافيته، والأدب وبلاغته؛ شُغِف بلغة «الضاد» ودراستها وتدريسها أكاديمياً.. وفي ربع قرن ونيف جاب بلدان العالم لتعليمها للناطقين بغيرها؛ وضع إستراتيجيات نشرها وتقنيات نقلها.. وعند التأليف والبحث العلمي؛ آمالٌ وأهدافٌ، ورغباتٌ ومغارم..
ومع نادي جدة الأدبي رئيساً؛ منحه أفقاً جديداً وجمهوراً مختلفاً.. شرّع الأبواب، وأوجد الأسباب، واحتضن الشباب.. وحين لم يحوَّل الصرح لمؤسسة أكاديمية، ولا جمعية للمبدعين، ولا ملاذاً للكتَّاب وحدهم؛ جعله فضاء مفتوحاً لكل الأطياف الأدبية، وبين منابره الثقافية وإصدارته الورقية؛ حقق الغاية لإرضاء احتياجات الجمهور المتلهف للإبداع.
منذ أن ارتشف اليُتم بفقد أمه في سن العاشرة؛ لم ينس تجعّد يديها بعجينة الصباح وهي تخبِز الإفطار.. ومع ذكرى قهوة جَدَّته وأغنية مذياع جَدِّه؛ يكرر البيت الشعري:
جئنا من البدو الذين تناسلوا *** فِتَنَ الحياة وحزنها المتواري. وفي طفولته المليئة بالمَتْربة والإملاق؛ استعاض عن الفقد والضراء، عزيمة الطامح للمعارف وعزم القابض على العلم.. ولأنه رجلٌ قادمٌ من قرية عوى ذئبها وغاب حبيبها؛ عشق البراري والمزارع، والسماء والمطر، والصحراء والجبل.. ولما رأى أن القرية امتلأت بأصباغ المدينة وذهب جمالها وهدوؤها؛ ردد «هاتوا الدموع فعنكم سوف نبكيها». بحروف صمت يعزفها الصباح على أوتار الشروق؛ استل من أهداب الليل قلماً يدوِّن جمال بوح الكلمات.. ولما لم يكن طامحاً ولا طامعاً لسلطة؛ سبقه حلمه بمسافات لم يلحق بها واقعه.. وعندما احتمى بالأمل ليكون حيث يأمل؛ استهواه الحوار العلمي، وأطربه الشعر العمودي.. وحين قرأ واقعاً لم يستجب لرغبات جلسائه؛ تأثر بمقولة «لو كان للمعاناة صوت لامتلأ العالم ضجيجاً».. طاقة إيجابية متدفقة لرجل بألف. بين النحو وصرفه، والشعر وقافيته، والأدب وبلاغته؛ شُغِف بلغة «الضاد» ودراستها وتدريسها أكاديمياً.. وفي ربع قرن ونيف جاب بلدان العالم لتعليمها للناطقين بغيرها؛ وضع إستراتيجيات نشرها وتقنيات نقلها.. وعند التأليف والبحث العلمي؛ آمالٌ وأهدافٌ، ورغباتٌ ومغارم..
ومع نادي جدة الأدبي رئيساً؛ منحه أفقاً جديداً وجمهوراً مختلفاً.. شرّع الأبواب، وأوجد الأسباب، واحتضن الشباب.. وحين لم يحوَّل الصرح لمؤسسة أكاديمية، ولا جمعية للمبدعين، ولا ملاذاً للكتَّاب وحدهم؛ جعله فضاء مفتوحاً لكل الأطياف الأدبية، وبين منابره الثقافية وإصدارته الورقية؛ حقق الغاية لإرضاء احتياجات الجمهور المتلهف للإبداع.