فيما تسجل العديد من دول العالم مستويات قياسية جديدة في حالات الإصابة بفايروس كورونا، حققت تايوان نوعاً مختلفاً من الأرقام القياسية، إذ تجاوزت 200 يوم من دون تسجيل أي حالة عدوى منقولة محلياً، وفقاً لـ«بلومبيرغ».
وتمتلك تايوان أفضل سجل للفايروسات في العالم حتى الآن بعد أن وصلت إلى إنجاز جديد، اليوم (الخميس)، إذ سجلت آخر حالة محلية في تايوان 12 أبريل، ولا بوادر لأي موجة ثانية للفايروس القاتل في الدولة الآسيوية.
وسجل تايوان في معدلات الإصابات والوفيات لا يتجاوز 553 حالة مؤكدة، مع سبع وفيات فقط، منذ تفشي كوفيد حول العالم. وأرجع خبراء الإدارة الوبائية المثالية في تايوان إلى إغلاق الحدود مبكراً وتنظيم السفر بإحكام، ما قطع شوطاً طويلاً نحو مكافحة الفايروس.
وأقرت السلطات في تايوان العديد من الإجراءات التي تشمل التتبع الصارم للتباعد الاجتماعي والحجر الصحي المعتمد على التكنولوجيا وارتداء الكمامة على نطاق واسع. واعتبر خبراء أن تجربة تايوان المميتة مع «سارس» أخافت الناس من الفايروس الجديد ودفعتهم إلى الالتزام التام بالتدابير الوقائية المشددة. ومهدت الدروس المؤلمة التي عانتها تايوان من الأوبئة الماضية الطريق لنجاح تايوان في مكافحة كوفيد، إذ بدأت في بناء شبكة استجابة للطوارئ لاحتواء الأمراض المعدية بعد تجربتها مع سارس في 2003، عندما أصيب المئات بالمرض. وشهدت تايوان في ما بعد أوبئة مثل إنفلونزا الطيور، ونتيجة لذلك يدرك سكانها تماماً عادات مكافحة الأمراض مثل غسل اليدين وارتداء أقنعة الوجه.
من جانبه، قال طبيب الأمراض المعدية والأستاذ في كلية الطب بالجامعة الوطنية الأسترالية بيتر كوليجنون: «تايوان هي الدولة الوحيدة التي تمكنت حتى الآن من القضاء على انتقال فايروس كوفيد بين المجتمع». وأضاف كوليجنون، إن تايوان «ربما حققت أفضل نتيجة حول العالم»، واصفاً التجربة بأنها «مثيرة للإعجاب» بالنسبة لاقتصاد يبلغ عدد سكانه -(23 مليون نسمة)- تقريباً نفس حجم سكان أستراليا، حيث يعيش العديد من الأشخاص بالقرب من بعضهم البعض في شقق سكنية صغيرة.
وتتمتع تايوان بنظام تتبع عالي الكفاءة، وأشارت الإحصاءات الرسمية إلى أنه في المتوسط ترتبط كل حالة مؤكدة بـ20 إلى 30 مخالطاً، وفي حالة استثنائية ارتبط مصاب بالفايروس بأكثر من 150 مخالطاً، أجبرتهم السلطات الرسمية على الخضوع لحجر منزلي لمدة 14 يوماً، حتى لو كانت نتيجة الفحص سلبية. وأظهرت الإحصاءات أن نحو 340 ألف شخص خضعوا للحجر المنزلي لمخالطتهم مصابين، مع تغريم أقل من ألف شخص خالفوا قواعد الحجر المنزلي، ما يعني أن 99.7% التزموا بالتدابير الحكومية. وقال مسؤول:«نحن نضحي بـ14 يوماً لـ340 ألف شخص مقابل حياة طبيعية لـ٢٣ مليون نسمة».
ولعب قرار تخزين الكمامات وتوزيعها بشكل مركزي دوراً رئيسياً في نجاح تايوان، إذ قامت الحكومة في وقت مبكر من الوباء بتخزين جميع أقنعة الوجه المنتجة محلياً وحظر التصدير. وفي غضون أربعة أشهر، زادت الشركات الإنتاج من 2 مليون إلى 30 مليون كمامة يومياً.
وبدأت تايوان إغلاق أبوابها أمام غير المقيمين بعد فترة وجيزة من تفشي الوباء في يناير الماضي، وسيطرت بصرامة على حدودها منذ ذلك الحين.
وقال نائب رئيس تايوان السابق عالم الأوبئة تشن شين جين:«إن ما يمكن للدول التي تعاني من ارتفاع معدلات العدوى أن تتعلمه من تجربة تايوان هو أن لا شيء يعمل دون تتبع المخالطين للذين ثبتت إصابتهم بالفايروس، ثم عزلهم».
وستكون تايوان من بين الاقتصادات القليلة التي ستنمو هذا العام، حيث توقعت الحكومة في أغسطس أن الناتج المحلي الإجمالي سيزداد بنسبة 1.56% في 2020.
ورغم ذلك فإن تايوان لم تخرج من دائرة الخطر بعد، حيث سجلت 20 حالة إصابة وافدة في الأسبوعين الماضيين، معظمها من دول جنوب شرق آسيا مثل الفلبين وإندونيسيا.