من جدب القرية وبؤس ساحلها رحل آباؤه مستوطنين هامش المدينة.. نشأ بين بداوة ماتت لم يعد يعرفها، وحضارة لم تولد بعد ولم تعترف به.. شبيه البدو وشبيه الحضر، متأرجحاً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.. بدوي في عيون الحضر، وحضري في نظر البدو.. إنه الناقد والكاتب الدكتور سعيد السريحي.
لم يكن في طفولته منعَّماً او مرفهاً.. ولم يمارس اللعب مع أقرانه لضآلة جسده.. وخروجاً من وحدته كانت «القراءة» ظِلاً يواريه عن حرارة هجر زملائه، ويهتدي بها في مساره الفكري.. وكلما قرأ ازداد يقيناً بجهله.. طالَع في «الإعدادية» أمهات الكتب التراثية.. وفي «الثانوية» قرأ مؤلفات كبار الكتَّاب العرب.
وفي قطرات من مطر الذاكرة، لم ينسَ أريج طفولته وصباه في «الرويس» وسط جُدَّة.. أحداث لم تُمحَ من ذاكرته ولن تطوف، وحين يبتعد به الزمان يفوح بخاطره عبق المكان حنيناً.. هناك يتنفس رائحة الأهل والجيران والأصحاب، وتعلَّم أن «بعد كل عثرة وقفة».
مع بداية رحلته الأدبية شاباً؛ سافر زامر التنوع إلى عوالم النقد وقضاياه، بجواز سفر ذائقته النقدية وذكائه الوقَّاد وقراءته لما بين السطور.. ففي نصوصه متعدد الأبعاد.. وفي صياغاته متراتب الطبقات.. وفي تجربته مُكرِّس لجوهر الإنسانية.
وحين يمارس فعلاً أدبياً؛ فنتازي في كتاباته وشعره بوعي مختلط يصيب الناس والتضاريس بالدهشة.. يحيّرهم بمنهجه النقدي المحدد واضح المعالم بأسس علمية ثابتة.. ويثيرهم بجرأته لاقتحام عوالم الغرابة المحاطة بالحساسية والتوجس.. ويذهلهم بسلامة لغة اكتسبها من ثراء وأسلوب المنفلوطي وجمالياته.. ويدهشهم بإعادة قراءة شعر العذريين العرب.
في مساره الفكري سياق من التحولات الدائمة لا غرابة فيها؛ أظهرها «الحداثة» إليها وعنها، والتدريس الجامعي رغبة عنه إلى أتون الصحافة الضخم غير الآذنة لمريدها مجالاً سواها.. من «خارج الأقواس» نقد ذاته وغيره، ومن منابر الأدب توقداً وإنجازاً وتفاعلاً إلى عموده الصحفي النقدي.
أما حكاية نصف قرن مع الصحافة؛ بدأت من «عكاظ» قيادياً وكاتباً وبها انتهت.. وحين تقاعده رسمياً التقط المنعطف المنحاز عن المشهد النخبوي إلى الجماهيري عبر «تويتر»، ليطرح أبعاد التحول الثقافي على طاولة التداول الفكري، ويقف في وجه الشعبوية المقدَمة على أنها ثقافة.
لم يكن في طفولته منعَّماً او مرفهاً.. ولم يمارس اللعب مع أقرانه لضآلة جسده.. وخروجاً من وحدته كانت «القراءة» ظِلاً يواريه عن حرارة هجر زملائه، ويهتدي بها في مساره الفكري.. وكلما قرأ ازداد يقيناً بجهله.. طالَع في «الإعدادية» أمهات الكتب التراثية.. وفي «الثانوية» قرأ مؤلفات كبار الكتَّاب العرب.
وفي قطرات من مطر الذاكرة، لم ينسَ أريج طفولته وصباه في «الرويس» وسط جُدَّة.. أحداث لم تُمحَ من ذاكرته ولن تطوف، وحين يبتعد به الزمان يفوح بخاطره عبق المكان حنيناً.. هناك يتنفس رائحة الأهل والجيران والأصحاب، وتعلَّم أن «بعد كل عثرة وقفة».
مع بداية رحلته الأدبية شاباً؛ سافر زامر التنوع إلى عوالم النقد وقضاياه، بجواز سفر ذائقته النقدية وذكائه الوقَّاد وقراءته لما بين السطور.. ففي نصوصه متعدد الأبعاد.. وفي صياغاته متراتب الطبقات.. وفي تجربته مُكرِّس لجوهر الإنسانية.
وحين يمارس فعلاً أدبياً؛ فنتازي في كتاباته وشعره بوعي مختلط يصيب الناس والتضاريس بالدهشة.. يحيّرهم بمنهجه النقدي المحدد واضح المعالم بأسس علمية ثابتة.. ويثيرهم بجرأته لاقتحام عوالم الغرابة المحاطة بالحساسية والتوجس.. ويذهلهم بسلامة لغة اكتسبها من ثراء وأسلوب المنفلوطي وجمالياته.. ويدهشهم بإعادة قراءة شعر العذريين العرب.
في مساره الفكري سياق من التحولات الدائمة لا غرابة فيها؛ أظهرها «الحداثة» إليها وعنها، والتدريس الجامعي رغبة عنه إلى أتون الصحافة الضخم غير الآذنة لمريدها مجالاً سواها.. من «خارج الأقواس» نقد ذاته وغيره، ومن منابر الأدب توقداً وإنجازاً وتفاعلاً إلى عموده الصحفي النقدي.
أما حكاية نصف قرن مع الصحافة؛ بدأت من «عكاظ» قيادياً وكاتباً وبها انتهت.. وحين تقاعده رسمياً التقط المنعطف المنحاز عن المشهد النخبوي إلى الجماهيري عبر «تويتر»، ليطرح أبعاد التحول الثقافي على طاولة التداول الفكري، ويقف في وجه الشعبوية المقدَمة على أنها ثقافة.