عبدالله باخشوين
عبدالله باخشوين
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz@
بالقرب من «مسجد ابن العباس» في المدينة الحالمة ذات الأجواء اللطيفة، المحاطة بالجبال من اتجاهاتها الأربعة، المحتضنة ميقاتي قاصدي الحرم المكي «الطائف»؛ وُلد بداية الخمسينات الميلادية إنسان تماهى مع «الحكاية الروائية»، وحمل تيار الإبداع المختلف للقصة التقليدية بداية السبعينات الميلادية.. وبين مدارسها التي أودعت في دواخله الإبداع منذ طفولته؛ وظّف أحلامه وكوابيسه وهلوساته لإخراج رواياته النازعة إلى التخيل والواقع والوهم.. إنه «الحكواتي» الأديب والقاص الراحل عبدالله باخشوين.

في أزقة «مصيف» أحبه وكتب عنه قصة غرامه؛ احتفل بذكرياته المتدفقة وسحره العفوي.. ومن شبق احتفائي وصور قديمة في «حارات» لم تبتعد عن ذاته؛ اقترب من الحاضر ولم يغب عن الماضي في «حوار» بين الأزمنة.. وفي طفولة عذبة أخذته إلى ذاكرة المكان؛ خطفت قصصه أزهاراً ملونة زاهية تستثير الحكايات.


وحين خطط لذاته بداية إمساكه بالقلم؛ قرأ «كلاسيكات» الأدب فزخّرت إنتاجاته بسرديات لم تنته.. ولما غلب على قصصه «المحاكاة» الرمزية للواقع؛ انتهج الخطاب «الساخر» المنطوي على «المرارة» والمعتمد على الحوارات الطاغية.. وبين محورية قصص ذاتية وأحداث دائرة حوله؛ سجَّل تقلبات الحياة وتأوه «الأنين» وألم «التوجع» وعسر «المشقة».

لما كان انتقائيا في قراءاته وكتاباته؛ اخترق المألوف بسمات غرائبية وملكات داخلية تبحث عن «اليقين».. ومِن تولع بالأدب الروسي وتأثر بـ«الأوروبي» بسياقات متعددة؛ كانت كتاباته مثل جرح لم يندمل في ذاكرة القارئ.. وعند الاستغراق في أجواء الحياة العامة في مراحله الزمنية؛ اتسعت المساحة المكانية والزمنية لفضاءات كتاباته القصصية.

وحين حمل مصباحاً سحرياً كشف به المستور؛ مزج «الثنائيات» المتشابكة بين الوعي واللاوعي.. ومن الذاتية والموضوعية والانطباعية والمنهجية؛ حدد درجات المسافة وأبعاد تأثيرها في دُنوّ من قرائه.. ولما أجاب عن الاستفهامات المجتمعية الواقعية والمتناثرة دون تفاصيل؛ أبحر بأدواته وتركيباته وتخيلاته ومفارقاته إلى شواطئ «السردية» الذاتية، وأطلق نصوصاً زاخرة.

بين تمرُّس «نقاء» حمله داخل سريرته، مَراس «وفاء» لم يخالطه حسد ولا حقد؛ تجلت في تجربته ظاهرة «الاغتراب» بمظاهرها المتعددة رؤية وفكراً.. ومن لغة «مغتربة» باحت بدواخله الحقيقية؛ أخرج سرديات اغترابية ذاتية وجسدية واجتماعية.. وبين حالات من القلق والإحباط، والألم والعزلة؛ جسَّد بأبطال قصصه وروايته المشكلات النفسية وقلقها.