قعّدَ الفارابي نظريته في المقارنة بين موسيقى الإنسان وموسيقى الطبيعة، وذهب إلى أن الإنسان استحدث الموسيقى تحقيقاً وإيفاءً لفطرته، المُركّزة في جبلّته، والتّي تنتظم، فيها الفطرة الغريزية التّي من خصائصها التصويت تعبيراً عن أحوالها اللذيذة والمؤلمة.
التقى أبو نصر محمد بن طرخان بن أوزلغ أبو نصر الفارابي (260- 339) في بغداد بأئمة الحكمة، واعتنى بالمطارحات اللغوية مع ابن السراج، ودرس المنطق على أبي بشر متى بن يونس، وارتحل إلى الشام، وفي مدينة (حرّان)، أخذ عن يوحنا بن حيلان الحكيم، طرفاً من المنطق، ثم رجع إلى بغداد وأكب على مطالعة الفلسفة واستخراج معانيها، فتناول بالدرس والشرح والتعليق جميع ما وصل إليه من كتب أرسطو، ودون على مقدمة كتاب (النفس) «إني قرأت هذا الكتاب مئة مرّةٍ».
عُرف الفارابي بإجادته معظم اللغات الشرقية المتداولة في عصره، إضافة إلى اليونانية، وبرع في الطب والفلسفة والمنطق، وتعلم اللسانيات (علم النحو واللغة والبلاغة) وتميز بثقافته الواسعة ونزعته إلى الزهد، وترك الكثير من المؤلفات في الموسيقى، منها: كتاب الموسيقى الكبير، وإحصاء الإيقاع، ورسالة في قوانين صناعة الشعراء، وكلام في النقلة، وكلام في الموسيقى، و«إحصاء العلوم» الذي تضمن جزءا خاصا بعلم الموسيقى. والواضح أن كتابه «الموسيقي الكبير»، هو المتبقي من التراث الموسيقي العربي، إذ ترجم للغات أجنبية عدة، ما يعطينا صورة متكاملة عن البُعد الفكري العميق لفلسفته في الموسيقى.
يؤكد الفارابي أن كلمة موسيقى في استعمالات اللغة العادية تدلُ على الألحان. ويلجأ في التفريع الذي يغلب على إحصاء العلوم، إلى التمييز بين قسمين في صناعة الموسيقى: النظرية باعتبارها «هيئة تنطق عالمها بالألحان ولواحقها عن تصورات صادقة سابقة خاصة في النّفس»، والعملية التي يريد بها «إحداث الألحان بأدائها أو صياغتها». والصناعة التي يقال إنها تشتمل على الألحان، منها أن توجد الألحان المصاغة محسوسة للسَامعين. وزاوج بين الموسيقى والفطرة بنزوع الإنسان إلى الراحة إذا تعب، فمن شأن الموسيقى أن تنسي التعب لأنها تلغي الإحساس بالزمن الذي ترتبط به الحركة والتعب. فيما يميز بين تأثر الأنفس بالألحان المُلِذة التي تكسب «النفس لذة وراحة فحسب»، والألحان المخيلة التي تحدث في «النفس تخيلات وتصورات، مثلما تفعل التماثيل المحسوسة بالبصر» والألحان الانفعاليّة، تزيل «الانفعال أو تنقصه»، فلكل انفعالٍ نغمٌ يدلُ عليه، وتشتق أصنافها من أسماء الانفعالات، فيسمى ما ينعكس حزناً (المحزِّن، الحزني، التحزين) وما يكسب الأسف أسفيًا، وهكذا.
التقى أبو نصر محمد بن طرخان بن أوزلغ أبو نصر الفارابي (260- 339) في بغداد بأئمة الحكمة، واعتنى بالمطارحات اللغوية مع ابن السراج، ودرس المنطق على أبي بشر متى بن يونس، وارتحل إلى الشام، وفي مدينة (حرّان)، أخذ عن يوحنا بن حيلان الحكيم، طرفاً من المنطق، ثم رجع إلى بغداد وأكب على مطالعة الفلسفة واستخراج معانيها، فتناول بالدرس والشرح والتعليق جميع ما وصل إليه من كتب أرسطو، ودون على مقدمة كتاب (النفس) «إني قرأت هذا الكتاب مئة مرّةٍ».
عُرف الفارابي بإجادته معظم اللغات الشرقية المتداولة في عصره، إضافة إلى اليونانية، وبرع في الطب والفلسفة والمنطق، وتعلم اللسانيات (علم النحو واللغة والبلاغة) وتميز بثقافته الواسعة ونزعته إلى الزهد، وترك الكثير من المؤلفات في الموسيقى، منها: كتاب الموسيقى الكبير، وإحصاء الإيقاع، ورسالة في قوانين صناعة الشعراء، وكلام في النقلة، وكلام في الموسيقى، و«إحصاء العلوم» الذي تضمن جزءا خاصا بعلم الموسيقى. والواضح أن كتابه «الموسيقي الكبير»، هو المتبقي من التراث الموسيقي العربي، إذ ترجم للغات أجنبية عدة، ما يعطينا صورة متكاملة عن البُعد الفكري العميق لفلسفته في الموسيقى.
يؤكد الفارابي أن كلمة موسيقى في استعمالات اللغة العادية تدلُ على الألحان. ويلجأ في التفريع الذي يغلب على إحصاء العلوم، إلى التمييز بين قسمين في صناعة الموسيقى: النظرية باعتبارها «هيئة تنطق عالمها بالألحان ولواحقها عن تصورات صادقة سابقة خاصة في النّفس»، والعملية التي يريد بها «إحداث الألحان بأدائها أو صياغتها». والصناعة التي يقال إنها تشتمل على الألحان، منها أن توجد الألحان المصاغة محسوسة للسَامعين. وزاوج بين الموسيقى والفطرة بنزوع الإنسان إلى الراحة إذا تعب، فمن شأن الموسيقى أن تنسي التعب لأنها تلغي الإحساس بالزمن الذي ترتبط به الحركة والتعب. فيما يميز بين تأثر الأنفس بالألحان المُلِذة التي تكسب «النفس لذة وراحة فحسب»، والألحان المخيلة التي تحدث في «النفس تخيلات وتصورات، مثلما تفعل التماثيل المحسوسة بالبصر» والألحان الانفعاليّة، تزيل «الانفعال أو تنقصه»، فلكل انفعالٍ نغمٌ يدلُ عليه، وتشتق أصنافها من أسماء الانفعالات، فيسمى ما ينعكس حزناً (المحزِّن، الحزني، التحزين) وما يكسب الأسف أسفيًا، وهكذا.