حذر أستاذ واستشاري طب الأطفال والغدد الصماء والسكري بكلية الطب ومستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الآغا، مرضى قصر القامة الوراثي من الانصياع والتجاوب مع أي جهة خارجية تدعي التوصل إلى علاجات دوائية لقصر القامة الوراثي، مبيناً لـ«عكاظ» أن هذه الجهات الخارجية تستغل ظروف المرضى وتضع أمامهم خيارات علاجية وهمية، كما هو الحال في اصطياد مرضى السكري بالترويج عن الخلايا الجذعية للقضاء على داء السكري نهائياً والاستغناء عن الإنسولين.
أسباب غير عضوية
وكشف الآغا أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين يعانون من قصر القامة تكون حالتهم المرضية لأسباب غير عضوية ليست بسبب خلل هرموني، وهذا ما يطلق عليه قصر القامة الوراثي، وكذلك حالات تأخر النمو الذاتي الفسيولوجي المصاحب لتأخر البلوغ، وهذه المجموعة لا تحتاج لأي نوع من العلاج بل تتم متابعتهم فقط في عيادة الطبيب كل ستة أشهر، مشيراً إلى أن الأطفال الذين يعانون من قصر القامة الناتج عن مشكلات خلقية في تركيب العظام توجد لهم عمليات تطويل العظام وذلك بتركيب جهاز يسمى (اليزارووف)، والأطفال الذين يعانون من حساسية ضد مركبات القمح ومشتقاته فهم يستعيدون معدل نموهم الطبيعي إذا ما أعطوا غذاء خاليا من القمح ومشتقاته وتبدو علامات التحسن عليهم في غضون بضعة أشهر.
حقن تحت الجلد
واستدرك: الأطفال الذين لديهم نقص في إفراز الغدة الدرقية يتم علاجهم بعقار دوائي، حيث تعطى الجرعات مرة واحدة يوميا، أما الأطفال قصيرو القامة بسبب نقص إفراز هرمون النمو فهذه المجموعة حظيت بدراسات مستفيضة في كثير من المراكز الطبية حول العالم، فقد أجمعت غالبية الدراسات على أن إعطاء هذه المجموعة هرمون النمو المحضر بطريقة الهندسة الوراثية بالحقن تحت الجلد يومياً في المساء قبل النوم يعطي نتائج جيدة، ويستمر إعطاء هذا الهرمون لحين اكتمال نمو العظام وإقفال مراكز النمو.
ونبه أن الحالات المسموح لها باستخدام علاج هرمون النمو من قبل منظمة الصحة العالمية هي (نقص هرمون النمو، متلازمة تيرنر ومتلازمة نونان ومتلازمة رسل سيلفر، الفشل الكلوي المزمن، الأطفال المولودون بوزن أقل من الوزن الطبيعي ولم يعوضوا ما نقص من وزنهم خلال السنتين الأوليين من عمرهم، متلازمة برادر ويلي، قصر القامة المجهول السبب، بعض الأمراض المزمنة، بعض مشكلات العظم الخلقية)، فعلاج قصر القامة يعتمد على معرفة السبب، فإن كان السبب وراثيا أو عائليا فقد يصعب التدخل الطبي لحل هذه المشكلة ويقتصر العلاج على المتابعة، أما إن كان السبب عضويا فعلاجه يكون بعلاج العضو المصاب كعلاج أمراض الجهاز الهضمي أو الكبد أو غيرها، أما إذا كان السبب هو نقص أو اضطراب في إفراز أحد الهرمونات فيكون العلاج بتعويض الطفل الهرمون المفقود.
وقال: «كل التداعيات التي تتداولها بعض المراكز في الخارج عبر ترويج الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا أساس لها من الصحة، فعلاج حالات قصر القامة يكون بالتشخيص السليم وإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة، فهرمون النمو لا يكون عبر حبوب أو شراب، ولكنه متوافر عن طريق إبر، وهذه الإبر تعطى تحت الجلد وتكون بشكل يومي خلال الأسبوع وأحياناً يعطى يوم واحد راحة، إذ أثبتت جميع الدراسات أن استخدام علاج هرمون النمو يومياً قبل النوم يعطي نتائج أفضل كثيراً من أن يستخدم يوماً بعد يوم أو في فترات متقطعة».
الاستقصاء الشامل للتاريخ
ومضى قائلاً إن أطوال وأوزان الأطفال في ما بينهم تختلف حسب هذه الظروف كما تختلف هذه المقاييس بين الشعوب أيضاً، ولذلك في كل دولة أو مجموعة دول لها معدلات أطوال وأوزان خاصة بها، كما أن هناك فرقا بسيطاً بين معدلات نمو الذكور والإناث لذلك تستخدم مقاييس خاصة بكل جنس، ويتم تشخيص هذه الحالات عبر الاستقصاء الشامل والدقيق للتاريخ المرضي ويشمل تاريخ الميلاد، طبيعة الحمل والولادة، وزن الطفل وطوله عند ولادته والتأكد من أن وزنه عند الولادة ليس أقل من (2.5) كيلوغرام عند الأطفال مكتملي الحمل، كذلك إذا كان الطفل قد تعرض -عند الولادة- لقلة الأوكسجين أو إصابات دماغية أو استسقاء دماغي، أو التهابات في الجهاز العصبي وغيرهما من الأمراض التي قد تؤثر على نمو الطفل.
معدل النمو الطبيعي
وخلص إلى القول إن الفحوصات تشمل أيضاً الفحص السريري المتكامل لجميع أجهزة الجسم للتعرف على العلامات المرضية، كما تشمل القياس الدقيق للطول والوزن ورسمهما على الرسومات البيانية للطول والوزن وعلامات البلوغ، وكذلك القسمين العلوي والسفلي من الجسم ومحيط الذراعين، فمعدل النمو الطبيعي للطفل تقريبا نحو 5-6 سنتيمترات سنويا من عمر 3 سنوات وحتى البلوغ، وإذا كان معدل النمو طبيعيا ففي الأغلب يكون قصر القامة نابعاً عن فروق شخصية ولا يحمل علامة مرضية، ولكن في حالة تراجع معدل النمو قد يكون لأسباب مرضية تستدعى التدخل الطبي.