تشارك القطاعات الصحية في السعودية المجتمع الدولي الأسبوع القادم، وتحديدا في 14 نوفمبر، بمناسبة يوم داء السكري العالمي، وهو اليوم الذي يتزامن مع مرور 100 عام على اكتشاف عقار الإنسولين لعلاج «النمط الأول» من داء السكري، الذي تم فيه منح البروفيسور الكندي بانتنج جائزة «نوبل» مناصفة مع ثلاثة من زملائه، ويعد مرور قرن من الزمان خير شاهد على إنقاذ الملايين من مرضى السكري بعقار «الإنسولين».
ويسلط البروفيسور عبدالمعين عيد الآغا استشاري طب الغدد الصماء والسكري لدى الأطفال بكلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز الضوء على قصة اكتشاف الإنسولين وأهميته في علاج مرضى السكري، مبيناً أن القصة بدأت عام 1921، عندما أجرى البروفيسور فريدريك بانتنج وطالب الطب تشارلز بست تجارب على بنكرياس الكلاب في تورنتو بكندا، وتمت إزالة البنكرياس مما أدى إلى ظهور أعراض مرض السكري على الكلاب، ثم تم إنتاج مستخلص قابل للحقن عدة مرات في اليوم، ما ساعد الكلاب على استعادة صحتها، وبعد ذلك انضم العالم ماكلويد إلى الفريق البحثي ونجح في توفير مستخلص «الإنسولين» من الأبقار، وبعد ذلك انضم العالم الكيميائي كوليب إلى الفريق البحثي لتقديم المساعدة في تنقية الإنسولين لاستخدامه في علاج البشر، وبعد أن جربت المجموعة ما يكفي لفهم الجرعات المطلوبة وأفضل طريقة لعلاج نقص السكر في الدم، كان الإنسولين جاهزاً للتجربة على المرضى.
وفي يناير عام 1922 تم إعطاء الطفل ليونارد طومسون البالغ من العمر 14 عاماً (مصاب بداء السكري من النوع الأول) أول جرعة طبية من الإنسولين، وبعد ذلك نجحت جرعة ثانية منقحة تمت تنقيتها بوساطة كوليب ليعيش ليونارد 13 عاماً أخرى قبل أن يستسلم للالتهاب الرئوي.
وأشار البروفيسور الآغا إلى أن الإنسولين منذ ذلك الوقت وحتى الآن تطور بشكل سريع ومذهل، ففي عام 1981 تم إنتاج أول سلالة من الإنسولين (البشري) بوساطة تقنية الهندسة الوراثية، وفي عام 1996 تطورت صناعة عقار الإنسولين إلى إنتاج سلالات جديدة سُميت بـ«نظائر الإنسولين» سواء كانت سريعة المفعول (التي تحقن قبل تناول الوجبات) أو طويلة المفعول (التي تحافظ على سكر الدم في المستويات الطبيعية) ما بين الوجبات وخلال فترة النوم.
وتابع أنه في الآونة الأخيرة، تم إنتاج العديد من هذه المستحضرات، منها نوعان جديدان هما إنسولين عالي السرعة ويُستخدم مع الوجبات وهو أسرع من الإنسولين سريع المفعول ويعمل خلال 5 دقائق وينتهي عمله خلال ساعتين إلى 3 ساعات وهو الأقرب للإنسولين الطبيعي المفرز من البنكرياس، والثاني إنسولين طويل المفعول جداً ويسمى إنسولين ترسيبا ويعمل لمدة 42 ساعة ولا بد من حقنه يومياً.
أما إبر الإنسولين فقد تطورت منذ عام 1923، حيث ظهرت أول إبرة لحقن الإنسولين من النوع الحديدي وكانت طويلة وحادة، وأصبحت في يومنا الحاضر إبرة صغيرة المقاس ونحيفة وتناسب جميع الأعمار وكذلك أقلام الإنسولين، كما نجد أن تقنية i-port لحقن الإنسولين هي عبارة عن لصقة توضع فوق الجلد وتكون لها إبرة بلاستيكية تغرز تحت الجلد ولها خاصية البقاء بفعالية لمدة 3 أيام متواصلة، وللمريض القدرة على الحقن خلال هذه اللصقة (بدلاً من جلده) بأي عددٍ وبأي نوعٍ من الإنسولين.
وعن مضخات الإنسولين قال البروفيسور الآغا إن صناعة مضخات اللإنسولين قد تطورت بشكل مذهل، وأصبح الأمل قريباً في إنتاج البنكرياس الاصطناعي، القريب عمله من خلايا بيتا، إذ إنه في عام 2016 تم إنتاج نوع من المضخات الذكية تعمل جنباً إلى جنب مع مجسات السكري وتتوقف عن ضخ الإنسولين بوقت كافٍ قبل حدوث الانخفاض وتعاود العمل مرة أخرى قبل ارتفاع السكر، إضافة إلى القدرة على التحكم بضخ البرمجة القاعدية للمضخة حسب قراءات السكر وكذلك ضخ الجرعة التصحيحية عندما يرتفع السكر في الدم.
وعن تطورات أجهزة المراقبة الحساسة قال الآغا إن التطورات في علاج داء السكري شملت كذلك الأجهزة الخاصة بمراقبة مستويات السكر في الدم سواء كانت الأجهزة المنزلية أو حساسات قياس السكر، وأنه منذ عام 1999 تطورت هذه التقنية ليصبح هنالك ما يسمى «مجسات السكر» وهي عبارة عن إبرة صغيرة الحجم، وعلى رأسها حساس لقياس السكر تكون تحت الجلد لقياس السكر بشكل متواصل على مدار الساعة دون الحاجة إلى الوخز والألم وخروج الدم.