الثقافة وصناعة الإبداع هما البُعد المنسي في تبعات نازلة كورونا. فقد اقتصرت معالجة أجهزة الإعلام للوباء العالمي على الجوانب الصحية، والعلاجية، والعلمية، والاقتصادية، والسياسية. لكن تأثيره على الثقافة والإبداع ظل غُفلاً، حتى ظهر تقرير منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) في باريس أمس الأول، وأشار إلى أن الوباء العالمي أدى إلى فقدان 10 ملايين وظيفة في الصناعات الإبداعية خلال سنة 2020. وأضاف أن المتاحف، ودور السينما، والمسارح، وقاعات الحفلات، وكلها أماكن للإبداع، أُغلقت في جميع أنحاء العالم، على رغم أن قطاع الإبداع يعد من بين القطاعات الاقتصادية الأسرع نمواً في العالم. وانتقد التقرير تقصير الحكومات في الإنفاق على هذا القطاع. وزاد أنه كان يعاني أصلاً، حين اندلع الوباء، من تراجع الإنفاق الحكومي عليه على مدى سنوات. وعلاوة على ذلك، انكمش حجم هذا القطاع خلال 2020 بنحو 750 مليار دولار. وطالب تقرير اليونسكو الحكومات بأن تشمل الحماية التي توفرها للعمالة العاملين في المهن الفنية والثقافية، أسوة ببقية قطاعات القوى العاملة. واقترح أن يوضع حد أدنى لأجور العاملين في الثقافة، وإتاحة معاشات تقاعدية وإجازات صحية مدفوعة للمتعاونين مع المؤسسات الثقافية. ونوّه إلى أن غالبية العاملين في المجالات الإبداعية متعاونون. ولفت التقرير إلى أن من المِحَن التي واجهها المثقفون والمبدعون في أتون النازلة الوبائية أن رقمنة المجال الإبداعي أضحت تحتل المكانة الأولى، خصوصاً أنها أصبحت مهمة بشكل حيوي للخلق، والإنتاج، والتوزيع، والتعبير الثقافي. ونتيجة لذلك سعت الشركات متعددة الجنسيات إلى ترسيخ ريادتها في هذا الحقل. بيد أن عدم سهولة وصول قطاعات عريضة من سكان العالم إلى خدمة الإنترنت زاد المشكلة الإبداعية تفاقماً. ولفت التقرير إلى أن البيئة الرقمية لا توفر لغالبية الفنانين والمبدعين أجوراً تكفي لإعاشتهم. ولا بد من إجراء عاجل لسد ما سماه التقرير «فارق القيمة في مجال بث الخدمات الفنية» عبر الإنترنت. وأشار التقرير إلى نجاح منصة «ديدو» لبث الموسيقى الأفريقية، من جنوب أفريقيا، في توسيع رقعة توزيع خدماتها عالمياً، مع منح المشترك فرصة التبرع بـ 5% من قيمة اشتراكه فيها إلى منظمة خيرية غير ربحية يختارها بنفسه.