الفنان خالد سامي
الفنان خالد سامي
-A +A
يوسف عبدالله (جدة) Yosef_abdullah@

بين سطور الحياة، وفي ثنايا لحظات الفرح والحزن، تكمن تفاصيل مسيرة سُطّرت بالذهب، ولمعت في سماء المحبين نورا وبريقا، فرغم الفراق يبقى الوجود الأبدي عنوانا للوفاء، بذكريات لا تموت، ومشاهد رسمت ماضياً تليداً ومستقبلاً خالداً.

خالد سامي، الفنان الذي ترسّخ خالداً في أذهان محبيه، والسامي الذي سما بذائقة المشاهدين لأعلى مكان، أبى إلا أن يحمل آلام السنين بين جنبيه، بعد أن أنهكه المرض طويلا، وألزمه السرير الذي اكتسب بياضه من بياض سريرته، حتى رسم الموت آخر سطر في حياته، قبل 44 يوماً فقط من ذكرى ميلاده الـ61، اختاره الله إلى جواره محفوفا بدعوات محبيه، عاش هادئاً وفارقنا هانئاً صابراً.. أبكى رحيله محبيه وكأن لم يضحكنا يوماً ويسعدنا أعواما بشخصيته المحبوبة والعفوية.

«الخالد السامي»، الذي واجه مصيبة المرض بالحمد والشكر والفضل والمنة لله رب العالمين، كان قلبه متسعا لكل محب، إذ كان يبث روح الحياة بعد كل مرحلة من مراحل علاجه بأنه في طريقه لاسترداد صحته وعافيته، مطمئنا جمهوره بعبارات شكّلت بلسما لهم وجرعة تفاؤل لم تنطفئ يوما، وبسمة لم تفارق محياه حتى في عزّ آلامه، كيف لا وهو في آخر مقطع فيديو مصور له كان همه الشاغل أن يسعدهم دائما، ويدعو الله دائما أن لا يحرمه أحداً أو يحرم أحداً منه، مبشراً الجميع بقوله «بنرجع نتقابل ونتواجه ونضحك وننبسط وإن شاء الله الله ما يحرمني منكم ويخليني لكم»، ولكن رحمة الله شاءت أن تكون أقرب إليه، لتمحو آلامه، وتزيل وطأة المرض عنه.

وتدهورت الحالة الصحية للفنان الراحل منذ عام 2019؛ بسبب إصابته بمرض الكبد. وفي مايو 2020 احتاج لإجراء جراحة ضرورية، لكن ظروف الإغلاق وانتشار جائحة كورونا «كوفيد-19» حالا دون ذلك، ليدخل العناية المركزة مرات عدة، بسبب تدهور صحته، وأصيب بغيبوبة، وبعد إفاقته منها أجريت له محاولات صحية لمساعدته على تنشيط الذاكرة.

ولكن مساء 21 أكتوبر 2022، لم يكن كأي مساء، كان موعدا مع نجم انطفأ بعد أن ظلّ ساطعاً لنحو 5 عقود، ونبأ محا شائعات تكررت عن وفاته، ليأتي الخبر اليقين من ابنيه فيصل وتركي وزوجته عائدة العتيبي، إذ غرد فيصل بقوله: «لله ما أخذ ولله ما أعطى كثيراً.. والدي خالد الدسيماني (أو كما تعرفونه باسمه الفنّي خالد سامي) انتقل إلى رحمة الله اليوم بسبب تداعيات صحيّة. والدي كان أيقونة فنيّة، لكن الأهم من ذلك أنه كان رجلاً طيّباً.. أنا وعائلتي نمرّ بظرف ثقيل ومؤلم، ولا نطلب منكم إلا الدعاء له وذكره بالخير».

فيما غرد ابنه تركي بقوله: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.. بقلوب مؤمنة راضية بقضاء الله وقدره انتقل إلى رحمة الله تعالى والدي يارب اربط على قلبي».

فيما عبّرت زوجة الفقيد بقولها «وبشّر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.. رحل زوجي السامي خالد سامي.. رضينا ربنا، فالحمد لله على قضائه ولطفه».

كما نعت هيئة الإذاعة والتلفزيون، الفنان القدير خالد سامي، واصفة إياه بأنه «أحد المبدعين الذين أثروا رحلة الإنتاج التلفزيوني السعودي على مدى عقود من الزمن، صنع خلالها مسيرة حافلة بالأعمال الناجحة»، داعية الله له بالرحمة والمغفرة.

وكشف تركي، نجل خالد سامي، أنه ستتم الصلاة على الفقيد بعد صلاة عصر اليوم (السبت) في جامع الراجحي بمدينة الرياض، وسيقتصر العزاء في الجامع أو هاتفيا نظرا لظروف جائحة «كورونا».

وكان الفنان خالد سامي قد بدأ مشواره الفني في أواخر السبعينات من القرن الماضي، ويعتبر من الجيل الثاني من جمعية الثقافة والفنون، وكانت بدايته ممثلاً مسرحياً، وأول عمل له برنامج أوراق ملونة، وبرنامج من كل بستان زهرة، وقدم خلال مسيرته العديد من الأعمال السعودية والخليجية، وكانت له مشاركة جيدة بالأعمال العربية المشتركة، إذ عمل في بداياته بالمسلسلات البدوية السورية، وشارك بأعمال مصرية.

وللفنان خالد سامي عشرات المشاركات الفنية، في نحو 51 مسلسلاً، أبرزها عدة مواسم من المسلسل السعودي الأشهر «طاش ما طاش»، و«أبو العصافير» و«الحاسة السادسة» و«عائلة أبو رويشد» و«الديرة نت» وعدة مواسم من مسلسل «شباب البومب» و«سيلفي»، إضافة إلى مشاركته في عدد من البرامج: «أوراق ملونة»، «واي فاي»، «واي فاي2»، كما شارك الفقيد في نحو 12 مسرحية وفيلماً.