أظهر دواء متوفر لسرطان الدم نتائج واعدة في قتل خلايا فايروس نقص المناعة البشرية «الصامتة» في النماذج الحيوانية والخلايا البشرية من المصابين بالفايروس.
ويقول العلماء إن هذا يُعد اكتشافاً مهماً قبل المرحلة السريرية يمكن أن يؤدي إلى علاج المرض.
وخلايا فايروس نقص المناعة البشرية المخفية، والمعروفة بالعدوى الكامنة، هي المسؤولة عن بقاء الفايروس بشكل دائم في الجسم ولا يمكن علاجها بالخيارات المتاحة حالياً.
وهذه الخلايا المصابة في حالة السبات هي السبب الذي يجعل المصابين بفايروس نقص المناعة البشرية يحتاجون إلى علاج مدى الحياة لقمع الفايروس.
وبقيادة معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية (WEHI) ومعهد بيتر دوهرتي للعدوى والمناعة، تتم ترجمة هذه الدراسة التاريخية إلى تجربة سريرية جديدة لتقييم ما إذا كان يمكن إعادة استخدام علاج سرطان الدم لتوفير مسار نحو علاج فايروس نقص المناعة البشرية.
ويقدر عدد المصابين بفايروس نقص المناعة البشرية في جميع أنحاء العالم بنحو 39 مليون شخص. والعلاج المضاد للفايروسات القهقرية (ART) هو معيار علاج الرعاية المقدم للمصابين بافيروس نقص المناعة البشرية وهو فعال للغاية.
لكن الدواء لا يمكنه استهداف الخلايا المصابة بفايروس نقص المناعة البشرية في حالة سبات، ما يعني أنه يمكنه فقط قمع الفايروس، وليس علاجه.
ويستمر العلاج المضاد للفايروسات القهقرية للمصابين بفايروس نقص المناعة البشرية مدى الحياة، إذ إنه إذا توقف الشخص عن تناول الدواء، فإن الخلايا المصابة بفايروس نقص المناعة البشرية في حالة سبات ستنشط من جديد خلال فترة زمنية قصيرة جداً، ما يؤدي إلى عودة ظهور الفايروس.
واستخدم العلماء خلال الدراسة الجديدة عقار السرطان venetoclax على نماذج ما قبل السريرية المحسنة لفايروس نقص المناعة البشرية ووجدوا أنه يؤخر الفايروس عن الانتعاش لمدة أسبوعين، حتى من دون العلاج المضاد للفايروسات القهقرية.
وقال المؤلف المشارك الرئيسي للدراسة الدكتور فيليب أراندجيلوفيتش من معهد والتر وإليزا هول للأبحاث الطبية، إن هذا الاكتشاف يعد خطوة مثيرة نحو تطوير خيارات العلاج لعشرات الملايين من المصابين حالياً بفايروس نقص المناعة البشرية على مستوى العالم.
وأضاف: «في مهاجمة خلايا فايروس نقص المناعة البشرية النائمة وتأخير انتعاش الفايروس، أظهر venetoclax نتائج واعدة تتجاوز العلاجات المعتمدة حالياً. كل إنجاز في تأخير عودة هذا الفايروس يجعلنا أقرب إلى منع المرض من الظهور مرة أخرى لدى المصابين بفايروس نقص المناعة البشرية. ونأمل أن تكون النتائج التي توصلنا إليها خطوة نحو هذا الهدف».
وتمثل هذه الدراسة المرة الأولى التي يتم فيها استخدام venetoclax بمفرده لتقييم استمرار فايروس نقص المناعة البشرية في نماذج ما قبل السريرية.
ومع ذلك، وجد العلماء أيضاً أنه يمكن دمج علاج السرطان مع دواء آخر يعمل على المسار نفسه وهو حالياً في التجارب السريرية، لتحقيق تأخير أطول في الارتداد الفايروسي، مع مدة أقصر للعلاج بـ venetoclax.
وقال الدكتور أراندجيلوفيتش: «من المفهوم منذ فترة طويلة أن عقاراً واحداً قد لا يكون كافياً للقضاء تماماً على فايروس نقص المناعة البشرية. وقد دعمت هذه النتيجة هذه النظرية، بينما كشفت عن الإمكانات القوية لـ venetoclax كسلاح ضد فايروس نقص المناعة البشرية».
ويستهدف فايروس نقص المناعة البشرية في المقام الأول خلايا CD4 + T، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء الضرورية لعمل الجهاز المناعي بشكل صحيح.
وداخل هذه الخلايا يمكن أن يظل فايروس نقص المناعة البشرية في حالة سبات، ويكون جاهزاً لإعادة تنشيطه إذا لم يتم القضاء على الفايروس بشكل فعال.
وباستخدام خلايا CD4 + T البشرية التي تبرع بها المصابون بفايروس نقص المناعة البشرية والذين يخضعون للعلاج المضاد للفايروسات القهقرية القمعية، وجد العلماء في معهد دوهرتي أن venetoclax كان قادراً أيضاً على تقليل كمية الحمض النووي لفايروس نقص المناعة البشرية في خلايا الدم البيضاء هذه.
وأوضح المؤلف المشارك الأول، الدكتور يوري كيم من جامعة ملبورن وباحث ما بعد الدكتوراه في معهد دوهرتي: «يشير هذا إلى أن venetoclax يقتل الخلايا المصابة بشكل انتقائي، والتي تعتمد على البروتينات الرئيسية للبقاء على قيد الحياة. يتمتع venetoclax بالقدرة على استعداء أحد بروتينات البقاء الرئيسية».