بالتزامن مع اليوم العالمي للأكزيما التأتبية، الذي يوافق 14 سبتمبر من كل عام، أكدت استشاري الجلدية والتجميل وجراحة الجلد الدكتورة مايسة عشماوي، ضرورة تسليط الضوء على هذه الحالة الجلدية المزمنة الشائعة التي تؤثر على ملايين الأفراد في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في المملكة العربية السعودية، حيث يتزايد انتشار التهاب الجلد التأتبي، مما يستلزم فهمًا أعمق لأعراضه وعوامل الخطر وطرق الوقاية وخيارات العلاج.
وبينت د. عشماوي أن التهاب الجلد التأتبي، المعروف أيضًا باسم «الأكزيما التأتبية»، هو حالة جلدية التهابية مزمنة تتميز بجفاف الجلد، ويصاحبه حكة والتهاب، ويظهر عادة خلال مرحلة الطفولة، ولكن من الممكن أن يستمر حتى مرحلة البلوغ، ولا يزال السبب الدقيق لالتهاب الجلد التأتبي غير معروف، ولكن يُعتقد أنه ينتج عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية وهو مرض غير معد.
وعن انتشار التهاب الجلد التأتبي في المملكة العربية السعودية، قالت «لقد أظهر التهاب الجلد التأتبي اتجاهاً متزايداً في المملكة العربية السعودية، حيث يؤثر على الأفراد من جميع الفئات العمرية. وتشير الدراسات إلى أن نسبة الانتشار تتراوح بين 10% إلى 20% بين الأطفال».
كما شددت د. مايسة عشماوي على أهمية رفع مستوى الوعي حول هذه الحالة، من خلال التثقيف الصحي للمجتمع، وذلك حتى يتم التعامل بشكل صحيح وسليم مع المرض. فمن الممكن أن تختلف أعراض التهاب الجلد التأتبي في شدتها وأعراضها. فغالبًا ما تشمل الجلد الجاف والمتقشر حيث يعاني الأشخاص المصابون بالتهاب الجلد التأتبي من جفاف مفرط يسبب حكة شديدة تؤدي إلى ظهور بقع جلدية ملتهبة، حيث تصبح المناطق المصابة من الجلد حمراء وعليها قشور وأيضا تؤدي إلى زيادة الحكة وهي أحد الأعراض المميزة لالتهاب الجلد التأتبي، وهذة الحكة المستمرة قد تؤدي إلى خدوش سطحية بالجلد، مما يزيد من تفاقم الحالة وإصابتها بالتهابات بكتريية. ويبقى المريض في هذه الدائرة من الشعور بالحكة وظهور الطفح حتى يبدأ بالاهتمام بترطيب الجلد بشكل مستمر حتى بعد أن يتشافى ويختفي الطفح. كما أنه ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي الخدش والفرك المزمن إلى ظهور جلد سميك جلدي في المناطق المصابة.
وأشارت د. عشماوي إلى العوامل التي تساهم في تطور التهاب الجلد التأتبي، ومنها الاستعداد المناعي الوراثي فالأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي من التهاب الجلد التأتبي، أو الربو، أو حساسية العين أو حساسية الأنف هم أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، كما أن العوامل البيئية قد يكون لها تأثير كبير مثل التعرض لبعض المحفزات مثل المواد المسببة للحساسية والجفاف والمهيجات والعطور الموجودة في بعض أنواع الصابون ومنتجات العناية بالبشرة، ودرجات الحرارة المنخفضة، والإصابة البكتيرية، يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
وعن خيارات العلاج المتاحة، أوضحت د. عشماوي أنه لا يوجد علاج نهائي لالتهاب الجلد التأتبي، إلا أن طرق العلاج المختلفة تهدف إلى تخفيف الأعراض وإدارة النوبات بشكل فعال واختفاء الطفح بشكل كامل. فالوقاية بالابتعاد عن الصابون المعطر أو المعقم للبكتريا واستخدام الجل النفطي (الفازلين) على الجلد وهو مبلول بالماء قبل تجفيفه يساعد على حبس الماء داخل الجلد، إضافة إلى استخدام المرطبات (الكريمات غير المعطرة)، حيث إن وضع المرطبات بانتظام يساعد على الحفاظ على ترطيب البشرة وتقليل الجفاف والحكة، هذا في حالة وجود الطفح أو حتى الاستمرار بعد اختفائه وعودة الجلد سليما. أما بالنسبة لعلاج النوبات البسيطة إلى المتوسطة فمن الممكن استخدام كريمات الكورتيزون الموضعية التي يختلف تركيزها حسب منطقة الجسم المصابة ولمدة محدودة وتحت إشراف طبي لتقليل الالتهاب والحكة. وكذلك للسيطره على الالتهابات، خصوصاً إذا كانت الإصابة في المناطق الأكثر حساسية مثل الوجه والرقبة، فإن استخدام مثبطات الكالسينيورين الموضعية تفيد بشكل كبير في ذلك.
أما للسيطرة على الشعور بالحكة مع أو دون الطفح فيفضل استخدام مضادات الهيستامين عن طريق الفم التي تساعد على تخفيف الحكة وتعزيز النوم بشكل أفضل. ومن المفيد أيضا وضع الكريمات الطبية ولف المناطق المصابة بضمادات مبللة لتعزيز الامتصاص وتوفير الراحة في بعض الحالات. وعند عدم استجابة الطفح للعلاجات الموضعية أو في حالات الطفح الشديد فهناك العديد من خطوط العلاج المتقدمة منها العلاج بالأشعة فوق البنفسجية، والعلاجات الجهازية عن طريق الفم وكذلك العلاجات البيولوجية ومثبطات الجاك كلها تحت إشراف طبي وبالتدريج.
وأكدت د. مايسة عشماوي ضرورة الترطيب ومتابعة إرشادات الطبيب وزيارته في حال تفاقم وازدياد المرض.