أنجبت عائلة الصقر الكويتية، التي نزحت إلى الكويت من الأفلاج بنجد، العديد من الأعلام والشخصيات التي أثرت في تاريخ الكويت السياسي والاقتصادي والإداري والتجاري والاجتماعي والثقافي قديماً وحديثاً. وتنحدر العائلة من الزايد من الدهامشة من قبيلة عنزة، وهي متفرعة من جدهم الأكبر تاجر الماشية «صقر بن محمد بن غانم»، لذا فهم يعرفون في الكويت باسم «الصقر الغانم». سكنت العائلة ابتداء في الحي الشرقي من العاصمة بالقرب من البحر وكانت لهم فيها نقعة باسم «نقعة يوسف الصقر»، قبل أن تنتقل للإقامة في الحي القبلي (الجبلة)، حيث بنوا مسجداً في عام 1919 تم هدمه لاحقاً وبني في مكانه متحف الكويت.
وطبقاً لما ورد في موقع «تاريخ الكويت» الإلكتروني وغيره من المصادر، فإن مؤسس العائلة هو صقر بن محمد بن غانم الذي أنجب يوسف. ويوسف صقر محمد الصقر (الجد الأكبر للمترجَم له) عاش في عهد حاكم الكويت الثالث الشيخ جابر بن عبدالله الصباح الذي استمر من 1814 إلى 1859، ويعد من أقدم وأشهر نواخذة الكويت الذين تعاملوا مع الهند نقلاً للبضائع منها وإليها، فقد كان ينقل الملح من جزيرة جشم الفارسية إلى كلكتا، وينقل منها مختلف أنواع السلع الغذائية والاستهلاكية إلى الكويت. وتذكر له أعمال خيرية منها تبرعه بكمية كبيرة من الأخشاب لتجديد مسجد السوق الكبير عام 1839. وتوفي سنة 1846 غرقاً قبالة سواحل مليبار بولاية كيرالا الهندية جراء عاصفة قوية ضربت سفينته.
أنجب يوسف الصقر ابناً سماه عبدالله (الجد المباشر للمترجَم له)، وهذا ورث عن أبيه مهنة التجارة وقيادة السفن الشراعية إلى الهند لجلب البضائع المختلفة، لكنه اختلف مع جماعة من مواطنيه، فآثر أن يرحل عن الكويت نهائياً، فسافر بحراً مع عبيده إلى سواحل أفريقيا سنة 1871، واستقر هناك بمدينة ماليندي الكينية إلى أن توفي ودفن بها، تاركاً خلفه في الكويت ابنة وعدداً من الأولاد الذكور أشهرهم ابناه صقر وحمد. أما صقر عبدالله يوسف الصقر (أخو المترجَم له) فقد اقتفى أثر والده باحتراف قيادة السفن فصار نوخذة شهيراً وقديراً يجوب البحار بين الخليج والهند وأفريقيا وبرز في مجتمعه الكويتي كواحد من التجار المتعاملين والمترددين على الهند وممن تملكوا منزلاً فخما هناك بمدينة كاليكوت. كما كان من الوجهاء الذين كان المقيم البريطاني في الكويت الكولونيل هاملتون يستشيرهم في أمور التجارة والنقل، بدليل رسالة موجهة إليه من المقيم يستفسر منه عن كيفية تفعيل التجارة مع بريطانيا العظمى، والمشاكل التي تواجه التجار الكويتيين، ومدى حاجة البلاد للمصارف، ومدى قدرة المراكب الأجنبية على التحميل والتنزيل في ميناء الكويت، وعما إذا كانت التجارة البرية آمنة.
وأما «حمد عبدالله يوسف الصقر» الذي خصصنا هذه المادة لاستعراض سيرته، فقد أبصر النور في الحي الشرقي من العاصمة سنة 1871، في عهد الشيخ عبدالله الثاني بن صباح الثاني (1866 ــ 1892)، ابناً لأب هو «عبدالله يوسف الصقر» الذي لم يره لأنه توفي قبل ولادته بشهر، وأم هي «عائشة بنت يوسف البدر»، وبالتالي فإن جده لأمه هو تاجر الخيول الكويتي المعروف يوسف بن عبدالمحسن البدر وجدته لأمه هي نورة حمد الشايع.
وجد الحاج حمد الصقر نفسه يكبر ويترعرع تحت رعاية أعمامه وأخواله وسط أسرة ميسورة ذات مكانة اقتصادية وأنشطة تجارية ممتدة في الكويت والعراق والهند وعدن وصاحبة أساطيل من السفن الشراعية التي كان يديرها ثلة من أمهر نواخذة الكويت وأشهرهم. فتعلم ألف باء التجارة بالفطرة، وحينما كبر لم يرغب في ممارسة قيادة السفن وفضل عليها العمل التجاري والاستثماري، فشارك أخاه صقر في الإمساك بتجارة العائلة وأدارها بمهارة وراح يوسع أساطيلها البحرية ووكالاتها التجارية في الخارج، وينمي ثروتها بالاستحواذ على مساحات واسعة من بساتين النخيل في البصرة والفاو والمحمرة، حتى حاز لقب «ملك التمور» كناية عن استقطابه نحو 70% من تجارة التمور المتجهة بحراً نحو شبه القارة الهندية. كما أنه توسع في شراء الأراضي والدكاكين في عبادان ومدن إقليم عربستان. ويمكن القول إن تخصصه في تجارة التمور، جعله وأبناءه من بعده بمأمن من التقلبات الاقتصادية، إذ لم تلحق به أي خسارة مشابهة لما حدث مع أقرانه ممن تخصصوا في تجارة اللؤلؤ فبارت تجارتهم بسبب الكساد العالمي واكتشاف اللؤلؤ الصناعي في اليابان.
لم ينسَ حمد الصقر وطنه وأهله ومجتمعه البسيط آنذاك، فعمل على توفير مصدر للرزق للعديد من العائلات الكويتية في الزمن الصعب من خلال توظيفهم ودعمهم وإقراضهم، كما أمّن لمواطنيه، من خلال تجارته مع الهند، مختلف حاجاتهم المعيشية والتموينية خلال سنوات الحرب العالمية الأولى الصعبة. وأنفق مما أفاء الله عليه من خيراته على أوجه البر والإحسان، فقام في العام 1907 ببناء «مسجد الصقر» بفريج الخرافي، وتبرع في عام 1913 بجزء من الأرض التي أقيم عليها «المستشفى الأمريكاني»، وساهم بالتبرع المالي في بناء سور الكويت الثالث سنة 1920، وساهم مساهمة كبيرة بالمال في تأسيس «المدرسة الأحمدية» عام 1921، وراح يستجيب بأريحية لطلبات التسليف التي انهالت عليه من نواخذة وبحارة الغوص لتدبير أمورهم المعيشية القاسية آنذاك.
وبهذه الأعمال وغيرها برز في وطنه الكويتي كواحد من أصحاب المكانة والرأي والمشورة والتقدير والاحترام لدى حكام البلاد من آل صباح، كما نظر إليه مواطنوه كواحد من ذوي الحكمة والبصيرة والخبرة. ومن آيات ذلك أنه اختير لعضوية الوفد الكويتي المفاوض بعد معركة الجهراء سنة 1920. وحينما توفي حاكم الكويت التاسع الشيخ سالم المبارك الصباح في 23 فبراير 1921 تولى الصقر قيادة وجهاء البلاد وأعيانها لمبايعة الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكماً جديداً، بل وتحدث أمام الأخير باسم أهل الكويت طالباً تأسيس مجلس للشورى لمساعدة سموه في إدارة دفة الحكم. وهو الطلب الذي استجاب له الشيخ أحمد الجابر في أبريل من العام نفسه حينما تأسس أول مجلس للشورى في البلاد عن طريق التعيين، وكان مكوناً من 12 عضواً من التجار والوجهاء (6 من منطقة شرق ومثلهم من منطقة جبلة) برئاسة الحاج حمد الصقر. لم يستمر هذا المجلس الأول من نوعه في تاريخ الكويت سوى شهرين، بسبب الخلافات التي دبت بين أعضائه وكثرة المنازعات والشجار بينهم وتغليب مصالحهم الشخصية، وبالتالي فقدانهم ثقة الحاكم والمواطنين، الأمر الذي أدى إلى حل المجلس تلقائياً. وقبل أن ينتقل الأخير إلى جوار ربه في 8 يناير 1930 بمنزله وهو يؤدي صلاة الفجر، كان الراحل قد غرس نبتة المشاركة في الحكم، التي نمت وأينعت خلال السنوات التالية وصولاً إلى المجلس التشريعي الأول في سنة 1938 الذي ضم 14 نائباً منتخباً برئاسة الشيخ عبدالله السالم الصباح. وتكريماً له وتخليداً لذكراه أطلقت الدولة على أحد شوارع العاصمة اسم «شارع حمد عبدالله الصقر».
من الأحداث الأخرى ذات الصلة بسيرة الحاج حمد الصقر، أن إحدى سفنه كانت تبحر في مياه شط العرب سنة 1914 فتعرضت لإطلاق نار من سفينة حربية بريطانية بسبب رفعها العلم العثماني المستخدم آنذاك. وبسبب هذه الحادثة، وتفادياً لتكرارها، تم الاتفاق بين حاكم الكويت والمقيم البريطاني على أن يكون للكويت علمها الخاص.
تزوج الحاج حمد الصقر من ثلاث نساء (سبيكة بنت محمد السميط، وشيخة بنت السيد فايز الرفاعي، وفاطمة بنت الحاج سليمان عبدالله البسام، ابنة وكيله التجاري في عدن) فرزق من الأولى بابنتين هما شاهة وفاطمة، ورزق من الثانية بعبدالله وعبدالعزيز ومحمد وجاسم وعبدالوهاب وطيبة ونورة ومنيرة، ولم يرزق بأبناء من الثالثة.
ابنه الأكبر هو «عبدالله حمد عبدالله الصقر» الذي تولى بعد وفاة والده إدارة الممتلكات العقارية والزراعية للعائلة في البصرة والفاو وما جاورها. ولد عبدالله في عام 1910 بحي الجبلة وتوفي في عام 1974، وانشغل خلال حياته بالإدارة والسياسة والتجارة والثقافة، فكان عضواً في أول مجلس للمعارف تشكل سنة 1936، كما دخل انتخابات المجلس التشريعي الأول سنة 1938 وانتخابات المجلس التشريعي الثاني سنة 1939 وفاز بهما. وما بين هذا وذلك كانت له مساهمات في النهضة الاقتصادية والثقافية للكويت من خلال تأسيس عدد من الشركات والانغماس في أنشطة شبكة من المنظمات والأندية والجمعيات ذات التوجه العروبي القومي في النصف الأول من القرن الـ20. درس عبدالله في مدارس الكويت ثم ألحقه والده بثانوية سانت ماري البريطانية في بومباي، ومن ثم ابتعثه إلى عدن ليتدرب على النشاط التجاري في مكاتب التاجر الكويتي خالد عبداللطيف الحمد، فتنقل بين موانئ اليمن والصومال وتأثر هناك بالميول القومية.
ابنه الثاني «عبدالعزيز حمد عبدالله الصقر». ولد في الحي القبلي سنة 1912، ودرس في المدرسة المباركية والمدرسة الأحمدية ثم أرسله والده إلى كراتشي برفقة ابن عمته محمد ثنيان الغانم الذي كان يدير هناك أعمال خاله حمد الصقر. وفي كراتشي درس الإنجليزية لمدة نصف عام على يد المدرس الفلسطيني عبدالرؤوف النابلسي، ومنها انتقل إلى بومباي سنة 1922 حيث أقام لدى عائلة الفضل السعودية وتعلم الأوردية وأكمل دراسته بمدرسة «سانت ماري» الثانوية البريطانية. لاحقاً انتقل إلى «بوربندر» بولاية كوجرات الهندية برفقة التاجر محمد عبدالله السعد المليفي الذي دربه هناك لمدة عامين على الأعمال التجارية كي يتولى إدارة أعمال أبيه في الهند في مجال تسويق التمور وتصدير البضائع الهندية. واستمر على هذا الحال، يقيم تسعة أشهر من السنة في الهند والباقي في الكويت حتى عام 1930 الذي شهد وفاة أبيه وانتقال إدارة تجارة العائلة في الهند إليه رسمياً، فأدارها باقتدار من مدينة بوربندر التي بقي مقيماً بها 30 عاماً تقريباً، وذلك بمساعدة عدد من الوكلاء مثل: إبراهيم عبدالله الفضل في بومباي وصالح عبدالله الفضل في كراتشي ومحمد عبدالله السعد المليفي في بوربندر ومحمد ثنيان الغانم في براوه.
وفي عام 1951، عاد إلى الكويت، فكان أحد آخر الكويتيين العائدين من الإقامة الطويلة بالهند. وبعد عودته شارك في تأسيس عدد من الشركات الكويتية مثل: شركة ناقلات النفط في 1957، وشركة الخطوط الجوية الكويتية في 1954. ثم صار رئيساً لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت من 1958 إلى 1996، ورئيساً لمجلس إدارة بنك الكويت الوطني في 1959، وكان عضواً مؤسساً في مجلس إدارة شركة السينما الكويتية من 1957 إلى 1960. إلى ذلك مارس العمل السياسي فانتُخب عضواً ثم نائباً في المجلس التأسيسي المكلف بإعداد دستور الكويت المستقلة عام 1962، كما عين كأول وزير للصحة في أول حكومة ورئيساً لأول مجلس أمة منتخب بعد الاستقلال في عام 1962، وتوفي في عام 2005.
ابنه الثالث هو «جاسم حمد عبدالله الصقر» وهذا ولد عام 1918 في حي الجبلة أيضاً، وتلقى تعليمه الأولي بمدارس الكويت الأهلية والحكومية قبل أن يقترح عليه أخوه عبدالله السفر إلى البصرة لنيل الشهادات الابتدائية والمتوسطة ثم الثانوية التي نالها في 1939، وبسبب حبه للعلم أراد مواصلة دراسته الجامعية بجامعة فؤاد الأول المصرية بالقاهرة لكن ظروف الحرب العالمية الثانية حالت دون ذلك فدرس الحقوق في جامعة بغداد وتخرج عام 1943 ليصبح أول خريج جامعي وقانوني في تاريخ بلاده.
بعد تخرجه تفرغ لإدارة أعمال عائلته التجارية في البصرة حتى عام 1959 الذي عاد فيه إلى الكويت ليساهم في نهضتها من خلال عضويته في العديد من المؤسسات والهيئات العامة والخاصة مثل: المجلس الأعلى للتخطيط والشركة الأهلية للتأمين والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية وشركة البترول الوطنية ومجلس إدارة جامعة الكويت وجمعية القلب الكويتية ولجنة الدفاع عن فلسطين ومجلس إدارة بنك الكويت الوطني. كما شغل لمدة 15 عاماً منصب القنصل الفخري للسويد بالكويت، ورأس في عام 1990 لجنة صياغة مقررات مؤتمر جدة الشعبي إبان الغزو العراقي للكويت، وتولى رئاسة مجلس إدارة جريدة القبس. وشهد عام 1972 حصوله للمرة الأولى على عضوية مجلس الأمة كنائب منتخب، ثم انتخب مجدداً في مجلس 1981، وفي المرتين لعب دوراً مهماً من خلال ترؤس لجنة المجلس التشريعية ولجنة الشؤون الخارجية على التوالي. وفي 17 سبتمبر 2006 انتقل إلى رحمة الله.
وطبقاً لما ورد في موقع «تاريخ الكويت» الإلكتروني وغيره من المصادر، فإن مؤسس العائلة هو صقر بن محمد بن غانم الذي أنجب يوسف. ويوسف صقر محمد الصقر (الجد الأكبر للمترجَم له) عاش في عهد حاكم الكويت الثالث الشيخ جابر بن عبدالله الصباح الذي استمر من 1814 إلى 1859، ويعد من أقدم وأشهر نواخذة الكويت الذين تعاملوا مع الهند نقلاً للبضائع منها وإليها، فقد كان ينقل الملح من جزيرة جشم الفارسية إلى كلكتا، وينقل منها مختلف أنواع السلع الغذائية والاستهلاكية إلى الكويت. وتذكر له أعمال خيرية منها تبرعه بكمية كبيرة من الأخشاب لتجديد مسجد السوق الكبير عام 1839. وتوفي سنة 1846 غرقاً قبالة سواحل مليبار بولاية كيرالا الهندية جراء عاصفة قوية ضربت سفينته.
أنجب يوسف الصقر ابناً سماه عبدالله (الجد المباشر للمترجَم له)، وهذا ورث عن أبيه مهنة التجارة وقيادة السفن الشراعية إلى الهند لجلب البضائع المختلفة، لكنه اختلف مع جماعة من مواطنيه، فآثر أن يرحل عن الكويت نهائياً، فسافر بحراً مع عبيده إلى سواحل أفريقيا سنة 1871، واستقر هناك بمدينة ماليندي الكينية إلى أن توفي ودفن بها، تاركاً خلفه في الكويت ابنة وعدداً من الأولاد الذكور أشهرهم ابناه صقر وحمد. أما صقر عبدالله يوسف الصقر (أخو المترجَم له) فقد اقتفى أثر والده باحتراف قيادة السفن فصار نوخذة شهيراً وقديراً يجوب البحار بين الخليج والهند وأفريقيا وبرز في مجتمعه الكويتي كواحد من التجار المتعاملين والمترددين على الهند وممن تملكوا منزلاً فخما هناك بمدينة كاليكوت. كما كان من الوجهاء الذين كان المقيم البريطاني في الكويت الكولونيل هاملتون يستشيرهم في أمور التجارة والنقل، بدليل رسالة موجهة إليه من المقيم يستفسر منه عن كيفية تفعيل التجارة مع بريطانيا العظمى، والمشاكل التي تواجه التجار الكويتيين، ومدى حاجة البلاد للمصارف، ومدى قدرة المراكب الأجنبية على التحميل والتنزيل في ميناء الكويت، وعما إذا كانت التجارة البرية آمنة.
وأما «حمد عبدالله يوسف الصقر» الذي خصصنا هذه المادة لاستعراض سيرته، فقد أبصر النور في الحي الشرقي من العاصمة سنة 1871، في عهد الشيخ عبدالله الثاني بن صباح الثاني (1866 ــ 1892)، ابناً لأب هو «عبدالله يوسف الصقر» الذي لم يره لأنه توفي قبل ولادته بشهر، وأم هي «عائشة بنت يوسف البدر»، وبالتالي فإن جده لأمه هو تاجر الخيول الكويتي المعروف يوسف بن عبدالمحسن البدر وجدته لأمه هي نورة حمد الشايع.
وجد الحاج حمد الصقر نفسه يكبر ويترعرع تحت رعاية أعمامه وأخواله وسط أسرة ميسورة ذات مكانة اقتصادية وأنشطة تجارية ممتدة في الكويت والعراق والهند وعدن وصاحبة أساطيل من السفن الشراعية التي كان يديرها ثلة من أمهر نواخذة الكويت وأشهرهم. فتعلم ألف باء التجارة بالفطرة، وحينما كبر لم يرغب في ممارسة قيادة السفن وفضل عليها العمل التجاري والاستثماري، فشارك أخاه صقر في الإمساك بتجارة العائلة وأدارها بمهارة وراح يوسع أساطيلها البحرية ووكالاتها التجارية في الخارج، وينمي ثروتها بالاستحواذ على مساحات واسعة من بساتين النخيل في البصرة والفاو والمحمرة، حتى حاز لقب «ملك التمور» كناية عن استقطابه نحو 70% من تجارة التمور المتجهة بحراً نحو شبه القارة الهندية. كما أنه توسع في شراء الأراضي والدكاكين في عبادان ومدن إقليم عربستان. ويمكن القول إن تخصصه في تجارة التمور، جعله وأبناءه من بعده بمأمن من التقلبات الاقتصادية، إذ لم تلحق به أي خسارة مشابهة لما حدث مع أقرانه ممن تخصصوا في تجارة اللؤلؤ فبارت تجارتهم بسبب الكساد العالمي واكتشاف اللؤلؤ الصناعي في اليابان.
لم ينسَ حمد الصقر وطنه وأهله ومجتمعه البسيط آنذاك، فعمل على توفير مصدر للرزق للعديد من العائلات الكويتية في الزمن الصعب من خلال توظيفهم ودعمهم وإقراضهم، كما أمّن لمواطنيه، من خلال تجارته مع الهند، مختلف حاجاتهم المعيشية والتموينية خلال سنوات الحرب العالمية الأولى الصعبة. وأنفق مما أفاء الله عليه من خيراته على أوجه البر والإحسان، فقام في العام 1907 ببناء «مسجد الصقر» بفريج الخرافي، وتبرع في عام 1913 بجزء من الأرض التي أقيم عليها «المستشفى الأمريكاني»، وساهم بالتبرع المالي في بناء سور الكويت الثالث سنة 1920، وساهم مساهمة كبيرة بالمال في تأسيس «المدرسة الأحمدية» عام 1921، وراح يستجيب بأريحية لطلبات التسليف التي انهالت عليه من نواخذة وبحارة الغوص لتدبير أمورهم المعيشية القاسية آنذاك.
وبهذه الأعمال وغيرها برز في وطنه الكويتي كواحد من أصحاب المكانة والرأي والمشورة والتقدير والاحترام لدى حكام البلاد من آل صباح، كما نظر إليه مواطنوه كواحد من ذوي الحكمة والبصيرة والخبرة. ومن آيات ذلك أنه اختير لعضوية الوفد الكويتي المفاوض بعد معركة الجهراء سنة 1920. وحينما توفي حاكم الكويت التاسع الشيخ سالم المبارك الصباح في 23 فبراير 1921 تولى الصقر قيادة وجهاء البلاد وأعيانها لمبايعة الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكماً جديداً، بل وتحدث أمام الأخير باسم أهل الكويت طالباً تأسيس مجلس للشورى لمساعدة سموه في إدارة دفة الحكم. وهو الطلب الذي استجاب له الشيخ أحمد الجابر في أبريل من العام نفسه حينما تأسس أول مجلس للشورى في البلاد عن طريق التعيين، وكان مكوناً من 12 عضواً من التجار والوجهاء (6 من منطقة شرق ومثلهم من منطقة جبلة) برئاسة الحاج حمد الصقر. لم يستمر هذا المجلس الأول من نوعه في تاريخ الكويت سوى شهرين، بسبب الخلافات التي دبت بين أعضائه وكثرة المنازعات والشجار بينهم وتغليب مصالحهم الشخصية، وبالتالي فقدانهم ثقة الحاكم والمواطنين، الأمر الذي أدى إلى حل المجلس تلقائياً. وقبل أن ينتقل الأخير إلى جوار ربه في 8 يناير 1930 بمنزله وهو يؤدي صلاة الفجر، كان الراحل قد غرس نبتة المشاركة في الحكم، التي نمت وأينعت خلال السنوات التالية وصولاً إلى المجلس التشريعي الأول في سنة 1938 الذي ضم 14 نائباً منتخباً برئاسة الشيخ عبدالله السالم الصباح. وتكريماً له وتخليداً لذكراه أطلقت الدولة على أحد شوارع العاصمة اسم «شارع حمد عبدالله الصقر».
من الأحداث الأخرى ذات الصلة بسيرة الحاج حمد الصقر، أن إحدى سفنه كانت تبحر في مياه شط العرب سنة 1914 فتعرضت لإطلاق نار من سفينة حربية بريطانية بسبب رفعها العلم العثماني المستخدم آنذاك. وبسبب هذه الحادثة، وتفادياً لتكرارها، تم الاتفاق بين حاكم الكويت والمقيم البريطاني على أن يكون للكويت علمها الخاص.
تزوج الحاج حمد الصقر من ثلاث نساء (سبيكة بنت محمد السميط، وشيخة بنت السيد فايز الرفاعي، وفاطمة بنت الحاج سليمان عبدالله البسام، ابنة وكيله التجاري في عدن) فرزق من الأولى بابنتين هما شاهة وفاطمة، ورزق من الثانية بعبدالله وعبدالعزيز ومحمد وجاسم وعبدالوهاب وطيبة ونورة ومنيرة، ولم يرزق بأبناء من الثالثة.
ابنه الأكبر هو «عبدالله حمد عبدالله الصقر» الذي تولى بعد وفاة والده إدارة الممتلكات العقارية والزراعية للعائلة في البصرة والفاو وما جاورها. ولد عبدالله في عام 1910 بحي الجبلة وتوفي في عام 1974، وانشغل خلال حياته بالإدارة والسياسة والتجارة والثقافة، فكان عضواً في أول مجلس للمعارف تشكل سنة 1936، كما دخل انتخابات المجلس التشريعي الأول سنة 1938 وانتخابات المجلس التشريعي الثاني سنة 1939 وفاز بهما. وما بين هذا وذلك كانت له مساهمات في النهضة الاقتصادية والثقافية للكويت من خلال تأسيس عدد من الشركات والانغماس في أنشطة شبكة من المنظمات والأندية والجمعيات ذات التوجه العروبي القومي في النصف الأول من القرن الـ20. درس عبدالله في مدارس الكويت ثم ألحقه والده بثانوية سانت ماري البريطانية في بومباي، ومن ثم ابتعثه إلى عدن ليتدرب على النشاط التجاري في مكاتب التاجر الكويتي خالد عبداللطيف الحمد، فتنقل بين موانئ اليمن والصومال وتأثر هناك بالميول القومية.
ابنه الثاني «عبدالعزيز حمد عبدالله الصقر». ولد في الحي القبلي سنة 1912، ودرس في المدرسة المباركية والمدرسة الأحمدية ثم أرسله والده إلى كراتشي برفقة ابن عمته محمد ثنيان الغانم الذي كان يدير هناك أعمال خاله حمد الصقر. وفي كراتشي درس الإنجليزية لمدة نصف عام على يد المدرس الفلسطيني عبدالرؤوف النابلسي، ومنها انتقل إلى بومباي سنة 1922 حيث أقام لدى عائلة الفضل السعودية وتعلم الأوردية وأكمل دراسته بمدرسة «سانت ماري» الثانوية البريطانية. لاحقاً انتقل إلى «بوربندر» بولاية كوجرات الهندية برفقة التاجر محمد عبدالله السعد المليفي الذي دربه هناك لمدة عامين على الأعمال التجارية كي يتولى إدارة أعمال أبيه في الهند في مجال تسويق التمور وتصدير البضائع الهندية. واستمر على هذا الحال، يقيم تسعة أشهر من السنة في الهند والباقي في الكويت حتى عام 1930 الذي شهد وفاة أبيه وانتقال إدارة تجارة العائلة في الهند إليه رسمياً، فأدارها باقتدار من مدينة بوربندر التي بقي مقيماً بها 30 عاماً تقريباً، وذلك بمساعدة عدد من الوكلاء مثل: إبراهيم عبدالله الفضل في بومباي وصالح عبدالله الفضل في كراتشي ومحمد عبدالله السعد المليفي في بوربندر ومحمد ثنيان الغانم في براوه.
وفي عام 1951، عاد إلى الكويت، فكان أحد آخر الكويتيين العائدين من الإقامة الطويلة بالهند. وبعد عودته شارك في تأسيس عدد من الشركات الكويتية مثل: شركة ناقلات النفط في 1957، وشركة الخطوط الجوية الكويتية في 1954. ثم صار رئيساً لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت من 1958 إلى 1996، ورئيساً لمجلس إدارة بنك الكويت الوطني في 1959، وكان عضواً مؤسساً في مجلس إدارة شركة السينما الكويتية من 1957 إلى 1960. إلى ذلك مارس العمل السياسي فانتُخب عضواً ثم نائباً في المجلس التأسيسي المكلف بإعداد دستور الكويت المستقلة عام 1962، كما عين كأول وزير للصحة في أول حكومة ورئيساً لأول مجلس أمة منتخب بعد الاستقلال في عام 1962، وتوفي في عام 2005.
ابنه الثالث هو «جاسم حمد عبدالله الصقر» وهذا ولد عام 1918 في حي الجبلة أيضاً، وتلقى تعليمه الأولي بمدارس الكويت الأهلية والحكومية قبل أن يقترح عليه أخوه عبدالله السفر إلى البصرة لنيل الشهادات الابتدائية والمتوسطة ثم الثانوية التي نالها في 1939، وبسبب حبه للعلم أراد مواصلة دراسته الجامعية بجامعة فؤاد الأول المصرية بالقاهرة لكن ظروف الحرب العالمية الثانية حالت دون ذلك فدرس الحقوق في جامعة بغداد وتخرج عام 1943 ليصبح أول خريج جامعي وقانوني في تاريخ بلاده.
بعد تخرجه تفرغ لإدارة أعمال عائلته التجارية في البصرة حتى عام 1959 الذي عاد فيه إلى الكويت ليساهم في نهضتها من خلال عضويته في العديد من المؤسسات والهيئات العامة والخاصة مثل: المجلس الأعلى للتخطيط والشركة الأهلية للتأمين والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية وشركة البترول الوطنية ومجلس إدارة جامعة الكويت وجمعية القلب الكويتية ولجنة الدفاع عن فلسطين ومجلس إدارة بنك الكويت الوطني. كما شغل لمدة 15 عاماً منصب القنصل الفخري للسويد بالكويت، ورأس في عام 1990 لجنة صياغة مقررات مؤتمر جدة الشعبي إبان الغزو العراقي للكويت، وتولى رئاسة مجلس إدارة جريدة القبس. وشهد عام 1972 حصوله للمرة الأولى على عضوية مجلس الأمة كنائب منتخب، ثم انتخب مجدداً في مجلس 1981، وفي المرتين لعب دوراً مهماً من خلال ترؤس لجنة المجلس التشريعية ولجنة الشؤون الخارجية على التوالي. وفي 17 سبتمبر 2006 انتقل إلى رحمة الله.